للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَعِيرًا وَنَحْوَهُ، وَإِنْ كَانَ لِلْحَمْلِ لَمْ يَحْتَجْ إِلَى ذِكْرِهِ.

فَصْلٌ

الثَّانِي: مَعْرِفَةُ الْأُجْرَةِ بِمَا تَحْصُلُ بِهِ مَعْرِفَةُ الثَّمَنِ إِلَّا أَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يَسْتَأْجِرَ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

الْمَحَامِلِ، وَالْأَوْطِئَةِ، وَالْأَغْطِيَةِ، وَنَحْوِهَا إِمَّا بِرُؤْيَةٍ أَوْ صِفَةٍ، أَوْ وَزْنٍ، وَقِيلَ: لَا يَجِبُ ذِكْرُ تَوَابِعِ الرَّاكِبِ، فَلَوْ شَرَطَ حَمْلَ زَادٍ مَعْلُومٍ وَأَطْلَقَ فَلَهُ حَمْلُ مَا نَقَصَ كَالْمَاءِ، وَقِيلَ: لَا، بِأَكْلٍ مُعْتَادٍ، وَفِي وُجُوبِ تَقْدِيرِ الطَّعَامِ فِي السَّفَرِ احْتِمَالَانِ (وَإِنْ كَانَ لِلْحَمْلِ لَمْ يَحْتَجْ إِلَى ذِكْرِهِ) لِأَنَّ الْغَرَضَ فِي ذَلِكَ لَا يَخْتَلِفُ، لَكِنْ إِنْ كَانَ الْمَحْمُولُ خَزَفًا أَوْ زُجَاجًا تَعَيَّنَ مَعْرِفَةُ الدَّابَّةِ فِي الْأَصَحِّ ; لِأَنَّ فِيهِ غَرَضًا، وَقِيلَ: يُعْتَبَرُ مُطْلَقًا، وَيَتَوَجَّهُ مِثْلَهُ مَا يُدِيرُ دُولَابًا أَوْ رَحًى، وَاعْتَبَرَهُ فِي " التَّبْصِرَةِ " وَيُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ مَحْمُولٍ بِرُؤْيَةٍ، أَوْ صِفَةٍ، وَيُذْكَرُ جِنْسُهُ مِنْ حَدِيدٍ، وَقُطْنٍ ; لِأَنَّ ضَرَرَهُ يَخْتَلِفُ، وَاكْتَفَى ابْنُ عَقِيلٍ، وَصَاحِبُ " التَّرْغِيبِ " بِالْوَزْنِ.

[الشَّرْطُ الثَّانِي مَعْرِفَةُ الْأُجْرَةِ بِمَا تَحْصُلُ بِهِ مَعْرِفَةُ الثَّمَنِ]

فَصْلٌ

(الثَّانِي مَعْرِفَةُ الْأُجْرَةِ بِمَا تَحْصُلُ بِهِ مَعْرِفَةُ الثَّمَنِ) بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ لِمَا رَوَى أَبُو سَعِيدٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نَهَى عَنِ اسْتِئْجَارِ الْأَجِيرِ حَتَّى يُبَيَّنَ لَهُ أَجْرُهُ» ، رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَيُعْتَبَرُ الْعِلْمُ بِهَا مَضْبُوطًا بِالْكَيْلِ، أَوِ الْوَزْنِ ; لِأَنَّهَا أَحَدُ الْعِوَضَيْنِ فَاشْتُرِطَ مَعْرِفَتُهَا كَالْعِوَضِ فِي الْبَيْعِ، فَإِنْ كَانَ مَعْلُومًا بِالْمُشَاهَدَةِ كَصَبْرَةِ نَقْدٍ، أَوْ طَعَامٍ، فَوَجْهَانِ، فَإِنْ كَانَ فِي الذِّمَّةِ، فَكَالثَّمَنِ، وَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا، فَكَالْمَبِيعِ، فَلَوْ آجَرَ الدَّارَ بِعِمَارَتِهَا لَمْ تَصِحَّ لِلْجَهَالَةِ، وَلَوْ آجَرَهَا بِمُعَيَّنٍ عَلَى أَنَّ مَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ بِنَفَقَةِ الْمُسْتَأْجِرِ مُحْتَسَبًا بِهِ مِنَ الْأُجْرَةِ صَحَّ ; لِأَنَّ الِاصْطِلَاحَ عَلَى الْمَالِكِ، وَقَدْ وَكَّلَهُ فِيهِ، وَلَوْ شَرَطَ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ خَارِجًا عَنِ الْأُجْرَةِ لَمْ يَصِحَّ (إِلَّا أَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يَسْتَأْجِرَ الْأَجِيرَ بِطَعَامِهِ وَكُسْوَتِهِ) رُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَأَبِي مُوسَى لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «رَحِمَ اللَّهُ أَخِي مُوسَى» الْخَبَرَ، وَشَرْعُ مَنْ قَبْلَنَا شَرْعٌ لَنَا مَا لَمْ يَثْبُتْ نَسْخُهُ، وَلِأَنَّ الْعَادَةَ جَارِيَةٌ بِهِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ، فَكَانَ كَالْإِجْمَاعِ، وَلِأَنَّهُ مَقِيسٌ عَلَى الظِّئْرِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ فَقَامَ الْعِوَضُ فِيهِ مَقام التَّسْمِيَةِ كَنَفَقَةِ الزَّوْجةِ، وَعَنْهُ: لَا يَجُوزُ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي ; لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ، وَإِنَّمَا جَازَ فِي الظِّئْرِ لِلنَّصِّ، وَعَلَى الْأَوَّلِ يَكُونُ الْإِطْعَامُ وَالْكُسْوَةُ عِنْدَ التَّنَازُعِ كَالزَّوْجَةِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَعَنْهُ: كَمِسْكِينٍ فِي الْكَفَّارَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>