للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، وَاسْتِئْجَارُ النَّقْدِ لِلتَّحَلِّي وَالْوَزْنِ لَا غَيْرَ، فَإِنْ أَطْلَقَ الْإِجَارَةَ لَمْ تَصِحَّ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، وَتَصِحُّ فِي الْآخَرِ، وَيَنْتَفِعُ بِهَا فِي ذَلِكَ، وَيَجُوزُ اسْتِئْجَارُ وَلَدِهِ لِخِدْمَتِهِ وَامْرَأَةٍ لِرَضَاعِ وَلَدِهِ وَحَضَانَتِهِ.

وَلَا تَصِحُّ إِلَّا بِشُرُوطٍ خَمْسَةٍ، أَحَدُهَا: أَنْ يُعْقَدَ عَلَى نَفْعِ الْعَيْنِ دُونَ أَجْزَائِهَا، فَلَا تَصِحُّ إِجَارَةُ الطَّعَامِ لِلْأَكْلِ، وَلَا الشَّمْعِ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

(وَاسْتِئْجَارُ النَّقْدِ لِلتَّحَلِّي) أَيْ لِتَحْلِيَةِ امْرَأَةٍ (وَالْوَزْنِ) لِأَنَّهُ أَمْكَنَ الِانْتِفَاعُ بِهَا مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهَا، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ فِيهِ بِأُجْرَةٍ مِنْ جِنْسِهِ (لَا غَيْرَ) مِنَ الِاتِّفَاقِ، وَنَحْوِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ إِذْهَابِ عَيْنِهَا وَبَقَاؤُهَا شَرْطٌ (فَإِنْ أَطْلَقَ الْإِجَارَةَ لَمْ تَصِحَّ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ) قَالَهُ الْقَاضِي، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ "، وَقَدَّمَهُ فِي " الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى " ; لِأَنَّ الْإِجَارَةَ تَقْتَضِي الِانْتِفَاعَ، وَهُوَ فِي النَّقْدَيْنِ إِنَّمَا هُوَ بِأَعْيَانِهِمَا، وَحِينَئِذٍ يَصِيرُ قَرْضًا ; لِأَنَّهُ إِذَا أُطْلِقَ الِانْتِفَاعُ حُمِلَ عَلَى الْمُعْتَادِ (وَتَصِحُّ فِي الْآخَرِ) قَالَهُ أَبُو الْخَطَّابِ، وَصَحَّحَهُ فِي " الْمُغْنِي " ; لِأَنَّ الْعَقْدَ مَتَى أَمْكَنَ حَمْلُهُ عَلَى الصِّحَّةِ كَانَ أَوْلَى مِنْ إِفْسَادِهِ (وَيَنْتَفِعُ بِهَا فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي الْوَزْنِ وَالتَّحَلِّي لِأَنَّهُمَا هُمَا اللَّذَانِ حُمِلَ الْعَقْدُ عَلَيْهِمَا أَشَبَهَ اسْتِئْجَارَ الدَّارِ مُطْلَقًا فَإِنَّهُ يَصِحُّ، وَيُحْمَلُ عَلَى السُّكْنَى وَوَضْعِ الْمَتَاعِ فِيهَا.

(وَيَجُوزُ اسْتِئْجَارُ وَلَدِهِ لِخِدْمَتِهِ) كَالْأَجْنَبِيِّ، وَسَائِرِ الْأَقَارِبِ غَيْرَ الْأَبِ، وَلَهُ اسْتِئْجَارُ مُسْلِمٍ لِعَمَلٍ مُبَاحٍ، وَعَنْهُ غَيْرَ خِدْمَةٍ، وَقِيلَ: إِنِ اسْتَأْجَرَهُ لِعَمَلٍ مُبَاحٍ فِي ذِمَّتِهِ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا، وَيَجُوزُ اسْتِئْجَارُ ذِمِّيٍّ لِبِنَاءِ مَسْجِدٍ وَنَحْوِهِ (وَامْرَأَةٍ لِرَضَاعِ وَلَدِهِ وَحَضَانَتِهِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ} [الطلاق: ٦] الْآيَةَ، وَقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ٣٢ «لَا تُرْضِعْ لَكُمُ الْحَمْقَاءُ» ٣٢ يَدُلُّ بِمَفْهُومِهِ عَلَى جَوَازِ اسْتِرْضَاعِ غَيْرِهَا، وَلِأَنَّ كُلَّ عَقْدٍ يَصِحُّ مَعَ غَيْرِ الزَّوْجِ فَيَصِحُّ مَعَهُ كَالْبَيْعِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ فِي حِبَالِ الزَّوْجِ أَوْ مُطَلَّقَةً فِي الْأَصَحِّ.

وَقَالَ الْقَاضِي: لَا يَجُوزُ، وَحَمَلَ كَلَامَ الْخِرَقِيِّ عَلَى أَنَّهَا فِي حِبَالِ زَوْجٍ آخَرَ، وَرُدَّ بِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ فِي حِبَالِ زَوْجٍ آخَرَ لَسَقَطَ حَقُّهَا مِنَ الْحَضَانَةِ ثُمَّ لَيْسَ لَهَا أَنْ تُرْضِعَ إِلَّا بِإِذْنِ زَوْجِهَا، وَبَقِيَّةُ الْأَقَارِبِ كَالْأُمِّ فِي الْجَوَازِ بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ.

[شُرُوطُ صِحَّةِ إِجَارَةِ الْعَيْنِ]

[الشَّرْطُ الْأَوَّلُ أَنْ يُعْقَدَ عَلَى نَفْعِ الْعَيْنِ دُونَ أَجْزَائِهَا]

(وَلَا تَصِحُّ إِلَّا بِشُرُوطٍ خَمْسَةٍ، أَحَدُهَا: أَنْ يُعْقَدَ عَلَى نَفْعِ الْعَيْنِ دُونَ أَجْزَائِهَا) لِأَنَّ الْإِجَارَةَ هِيَ بَيْعُ الْمَنَافِعِ فَلَا تَدْخُلُ الْأَجْزَاءُ فِيهَا (فَلَا تَصِحُّ إِجَارَةُ الطَّعَامِ لِلْأَكْلِ، وَلَا الشَّمْعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>