للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَتْلَفُ فِي يَدِهِ إِلَّا أَنْ يَتَعَدَّى

وَيَضْمَنُ الْأَجِيرُ الْمُشْتَرِكُ مَا جَنَتْ يَدُهُ مِنْ تَخْرِيقِ الثَّوْبِ وَغَلَطِهِ فِي تَفْصِيلِهِ، وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيمَا تَلِفَ مِنْ حِرْزِهِ أَوْ بِغَيْرِ فِعْلِهِ، وَلَا أُجْرَةَ لَهُ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

قَالَ جَمَاعَةٌ: أَوْ تَفْرِيطٍ، وَمِثْلُهُ فِي " الشَّرْحِ " بِالْخَبَّازِ إِذَا أَسْرَفَ فِي الْوَقُودِ، أَوْ أَلْزَقَهُ قَبْلَ وَقْتِهِ، أَوْ بِتَرْكِهِ بَعْدَ وَقْتِهِ حَتَّى يَحْتَرِقَ، وَفِيهِ شَيْءٌ، وَذَهَبَ ابْنُ أَبِي مُوسَى أَنَّهُ يَضْمَنُ مَا جَنَتْ يَدُهُ.

وَعَنْ أَحْمَدَ يَضْمَنُ مَا تَلِفَ بِأَمْرٍ خَفِيٍّ لَا يُعْلَمُ إِلَّا مِنْ جِهَتِهِ.

[يَضْمَنُ الْأَجِيرُ الْمُشْتَرِكُ مَا جَنَتْ يَدُهُ]

(وَيَضْمَنُ الْأَجِيرُ الْمُشْتَرَكُ) وَهُوَ مَنْ قُدِّرَ نَفْعُهُ بِعَمَلٍ كَخِيَاطَةِ ثَوْبٍ، أَوْ بِنَاءِ حَائِطٍ، وَسُمِّيَ مُشْتَرَكًا ; لِأَنَّهُ يَتَقَبَّلُ أَعْمَالًا لِجَمَاعَةٍ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ يَعْمَلُ لَهُمْ فَيَشْتَرِكُونَ فِي مَنْفَعَتِهِ كَالْحَائِكِ، وَالْقَصَّارِ، وَالطَّبَّاخِ، وَالْحَمَّالِ، فَكُلٌّ مِنْهُمْ ضَامِنٌ (مَا جَنَتْ يَدُهُ مِنْ تَخْرِيقِ الثَّوْبِ وَغَلَطِهِ فِي تَفْصِيلِهِ) رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَشُرَيْحٍ، وَالْحَسَنِ ; لِأَنَّ عَمَلَهُ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ لَا يَسْتَحِقُّ الْعِوَضَ إِلَّا بِالْعَمَلِ، وَأَنَّ الثَّوْبَ لَوْ تَلِفَ فِي حِرْزِهِ بَعْدَ عَمَلِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أُجْرَةٌ فِيمَا عَمِلَ فِيهِ بِخِلَافِ الْخَاصِّ وَمَا تَوَلَّدَ مِنْهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَضْمُونًا كَالْعُدْوَانِ بِقَطْعِ عُضْوٍ، وَظَاهِرُهُ فَرْقٌ بَيْنَ أَنْ يَعْمَلَ فِي بَيْتِهِ، أَوْ بَيْتِ الْمُسْتَأْجِرِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ، وَالْخِرَقِيِّ، وَلَا أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى الْمَتَاعِ، وَصَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي فِي " تَعْلِيقِهِ "، وَجَمَاعَةٌ ; لِأَنَّ ضَمَانَهُ لِجِنَايَتِهِ، وَاخْتَارَ الْقَاضِي فِي " الْمُجَرَّدِ "، وَأَصْحَابُهُ أَنَّهُ يَضْمَنُ إِنْ كَانَ عَمَلُهُ فِي بَيْتِ نَفْسِهِ، فَأَمَّا إِنْ كَانَ فِي مُلْكِ الْمُسْتَأْجِرِ مِنْ خِيَاطَةٍ وَنَحْوِهَا فَلَا.

(وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيمَا تَلِفَ مِنْ حِرْزِهِ أَوْ بِغَيْرِ فِعْلِهِ) فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ ; لِأَنَّ الْعَيْنَ فِي يَدِهِ أَمَانَةٌ أَشْبَهَ الْمُودِعَ، وَعَنْهُ: إِنْ كَانَ التَّلَفُ بِأَمْرٍ ظَاهِرٍ كَالْحَرِيقِ وَاللُّصُوصِ الْغَالِبِينَ وَنَحْوِهِمْ فَلَا ضَمَانَ، وَإِنْ كَانَ بِأَمْرٍ خَفِيٍّ كَالضَّيَاعِ وَنَحْوِهِ ضَمِنَ لِلتُّهْمَةِ (وَلَا أُجْرَةَ لَهُ فِيمَا عَمِلَ فِيهِ) لِأَنَّهُ لَمْ يُسَلِّمُ عَمَلَهُ إِلَى الْمُسْتَأْجِرِ فَلَمْ يَسْتَحِقَّ عِوَضَهُ كَالْمَبِيعِ مِنَ الطَّعَامِ إِذَا تَلِفَ فِي يَدِ بَائِعِهِ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ، وَظَاهِرُهُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ فِي بَيْتِ الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ غَيْرِهِ، بِنَاءً كَانَ أَوْ غَيْرَهُ، وَفِي " الْمُحَرَّرِ ": إِلَّا مَا عَمِلَهُ فِي بَيْتِ رَبِّهِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>