للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَانَ فِي أَحَدِ الْحِزْبَيْنِ مَنْ لَا يُحْسِنُهُ بَطَلَ الْعَقْدُ فِيهِ، وَأَخْرَجَ مِنَ الْحِزْبِ الْآخَرِ مِثْلَهُ وَلَهُمُ الْفَسْخُ إِنْ أَحَبُّوا.

الثَّانِي: مَعْرِفَةُ عَدَدِ الرِّشْقِ وَعَدَدِ الْإِصَابَةِ.

الثَّالِثُ: مَعْرِفَةُ الرَّمْيِ هَلْ هُوَ مُفَاضَلَةٌ أَوْ مُبَادَرَةٌ؟ فَالْمُبَادَرَةُ أَنْ يَقُولَا: مَنْ سَبَقَ إِلَى خَمْسِ إِصَابَاتٍ مِنْ عِشْرِينَ رَمْيَةً فَقَدْ سَبَقَ، فَأَيُّهُمَا سَبَقَ إِلَيْهَا مَعَ تَسَاوِيهِمَا فِي الرَّمْيِ،

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

[الشَّرْطُ الثَّانِي مَعْرِفَةُ عَدَدِ الرَّشْقِ]

(الثَّانِي: مَعْرِفَةُ عَدَدِ الرِّشْقِ) بِكَسْرِ الرَّاءِ عِبَارَةٌ عَنْ عَدَدِ الرَّمْيِ، وَأَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ يَخُصُّونَهُ فِيمَا بَيْنَ الْعِشْرِينَ وَالثَّلَاثِينَ، وَبِفَتْحِهَا الرَّمْيُ، وَهُوَ مَصْدَرُ رَشَقْتُ الشَّيْءَ رَشْقًا، وَاشْتُرِطَ الْعِلْمُ بِهِ ; لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مَجْهُولًا أَفْضَى إِلَى الِاخْتِلَافِ ; لَأَنَّ أَحَدَهُمَا يُرِيدُ الْقَطْعَ، وَالْآخَرَ يُرِيدُ الزِّيَادَةَ (وَعَدَدِ الْإِصَابَةِ) كَخَمْسَةٍ، أَوْ سِتَّةٍ، أَوْ مَا يَتَّفِقَانِ عَلَيْهِ مِنْ رَمْيٍ مَعْلُومٍ كَعِشْرِينَ ; لِأَنَّ الْغَرَضَ مَعْرِفَةُ الْحِذْقِ، وَلَا يَحْصُلُ إِلَّا بِذَلِكَ، وَتُعْتَبَرُ إِصَابَةً مُمْكِنَةً، قَالَهُ فِي " التَّرْغِيبِ " وَغَيْرِهِ، فَلَوْ شَرَطَا إِصَابَةً نَادِرَةً كَإِصَابَةِ جَمِيعِ الرَّشْقِ، أَوْ تِسْعٍ مِنْ عَشَرَةٍ لَمْ يَصِحَّ، ذَكَرَهُ فِي " الْمُغْنِي "، وَ " الشَّرْحِ " ; لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَا يُوجَدُ، فَيَفُوتُ الْغَرَضُ، وَيُشْتَرَطُ اسْتِوَاؤُهُمَا فِي عَدَدِ الرَّشْقِ، وَالْإِصَابَةِ، وَصِفَتِهَا، وَسَائِرِ أَحْوَالِ الرَّمْيِ ; لِأَنَّ مَوْضُوعَهَا عَلَى الْمُسَاوَاةِ، فَاعْتُبِرَتْ كَالْمُسَابَقَةِ عَلَى الْحَيَوَانِ لَا عَلَى الْأَبْعَدِ، فَلَوْ قَالَ: السَّبْقُ لِأَبْعَدِنَا رَمْيًا، لَمْ يَجُزْ.

فَرْعٌ: إِذَا عَقَدَا النِّضَالَ وَلَمْ يَذْكُرَا قَوْسًا، صَحَّ فِي ظَاهِرِ قَوْلِ الْقَاضِي، وَاسْتَوَيَا فِي الْعَرَبِيَّةِ، وَالْفَارِسِيَّةِ، وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ حَتَّى يُذْكَرَ نَوْعُ الْقَوْسِ الَّذِي يَرْمِيَانِ عَلَيْهِ فِي الِابْتِدَاءِ، فَإِنْ عَيَّنَا نَوْعًا تَعَيَّنَ.

[الشَّرْطُ الثَّالِثُ مَعْرِفَةُ الرَّمْيِ هَلْ هُوَ مُفَاضَلَةٌ أَوْ مُبَادَرَةٌ]

(الثَّالِثُ: مَعْرِفَةُ الرَّمْيِ هَلْ هُوَ مُفَاضَلَةٌ أَوْ مُبَادَرَةٌ؟) لِأَنَّ غَرَضَ الرُّمَاةِ يَخْتَلِفُ فَمِنْهُمْ مَنْ إِصَابَتُهُ فِي الِابْتِدَاءِ أَكْثَرُ مِنْهَا فِي الِانْتِهَاءِ، وَمِنْهُمْ مَنْ هُوَ بِالْعَكْسِ، فَوَجَبَ اشْتِرَاطُ ذَلِكَ لِيُعْلَمَ مَا دَخَلَ فِيهِ (فَالْمُبَادَرَةُ أَنْ يَقُولَا: مَنْ سَبَقَ إِلَى خَمْسِ إِصَابَاتٍ مِنْ عِشْرِينَ رَمْيَةً فَقَدْ سَبَقَ، فَأَيُّهُمَا سَبَقَ إِلَيْهَا مَعَ تَسَاوِيهِمَا فِي الرَّمْيِ فَهُوَ السَّابِقُ، وَلَا يَلْزَمُ إِتْمَامُ الرَّمْيِ) لِأَنَّ السَّبْقَ قَدْ حَصَلَ بِسَبْقِهِ إِلَى مَا شَرَطَا السَّبْقَ إِلَيْهِ، فَإِنْ رَمَى أَحَدُهُمَا عَشْرًا فَأَصَابَ خَمْسًا، وَالْآخَرُ تِسْعًا فَأَصَابَ أَرْبَعًا لَمْ يُحْكَمْ بِالسَّبْقِ، وَلَا بِعَدَمِهِ حَتَّى يَرْمِيَ الْعَاشِرُ، وَإِنْ أَصَابَ بِهِ فَلَا سَابِقَ مِنْهُمَا، وَإِنْ أَخْطَأَ بِهِ فَالْأَوَّلُ سَابِقٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَصَابَ مِنَ التِّسْعَةِ إِلَّا ثَلَاثًا، فَقَدْ سَبَقَ، وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى رَمْيِ الْعَاشِرِ ; لِأَنَّ أَكْثَرَ مَا يُحْتَمَلُ أَنْ يُصِيبَ بِهِ، وَلَا يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ مَسْبُوقًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>