للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ لِكَافِرٍ، وَيُكْرَهُ إِعَارَةُ الْأَمَةِ الشَّابَّةِ لِرَجُلٍ غَيْرَ مَحْرَمِهَا، وَاسْتِعَارَةُ وَالِدَيْهِ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

عَلَيْهَا (تَجُوزُ فِي كُلِّ الْمَنَافِعِ) الْمُبَاحَةُ كَالدُّورِ، وَالْعَبِيدِ، وَالدَّوَابِّ، وَالثِّيَابِ، وَنَحْوِهَا؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «اسْتَعَارَ مِنْ أَبِي طَلْحَةَ فَرَسًا، وَمِنْ صَفْوَانَ أَدْرَاعًا، وَسُئِلَ عَنْ حَقِّ الْإِبِلِ، فَقَالَ: " إِعَارَةُ ذَلُولِهَا، وَإِطْرَاقُ فَحْلِهَا» ، فَثَبَتَ ذَلِكَ فِي الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ، وَالْبَاقِي قِيَاسًا، وَتَدْخُلُ فِيهِ إِعَارَةُ النَّقْدَيْنِ لِلْوَزْنِ، فَإِنِ اسْتَعَارَهُمَا لِلنَّفَقَةِ فَقَرْضٌ، ذَكَرَهُ فِي " الْمُغْنِي "، وَ " الشَّرْحِ "، وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ. وَنَقَلَ صَالِحٌ: مِنْحَةُ لَبَنٍ هُوَ الْعَارِيَةُ، وَمِنْحَةُ وَرَقٍ هُوَ الْقَرْضُ (إِلَّا مَنَافِعَ الْبُضْعِ) لِأَنَّ الْوَطْءَ لَا يَجُوزُ إِلَّا فِي نِكَاحٍ، أَوْ مِلْكِ يَمِينٍ، وَكِلَاهُمَا مُنْتَفٍ فَلَمْ يَجُزْ إِجْمَاعًا.

(وَلَا تَجُوزُ إِعَارَةُ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ لِكَافِرٍ) لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ اسْتِخْدَامُهُ، فَكَذَا إِعَارَتُهُ، وَقِيلَ: هُوَ كَإِجَارَتِهِ، وَقِيلَ: بِالْكَرَاهَةِ، وَمَا حَرُمَ اسْتِعْمَالُهُ لِمُحَرَّمٍ، وَقِيلَ: كَلْبًا لِصَيْدٍ، وَفَحْلًا لِضِرَابٍ.

فَرْعٌ: تَجِبُ إِعَارَةُ مُصْحَفٍ لِمَنِ احْتَاجَ إِلَى الْقِرَاءَةِ فِيهِ وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ.

(وَتُكْرَهُ إِعَارَةُ الْأَمَةِ الشَّابَّةِ لِرَجُلٍ غَيْرَ مَحْرَمِهَا) لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ عَلَيْهَا، وَقِيلَ: يَحْرُمُ، وَصَوَّبَهُ بَعْضُهُمْ لَا سِيَّمَا لِشَابٍّ خُصُوصًا الْأَعْزَبُ، وَلَا بِأْسَ بِشَوْهَاءَ، وَكَبِيرَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَشْتَهِي مِثْلَهَا، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا تُكْرَهُ إِعَارَتُهَا لِامْرَأَةٍ، وَلَا ذِي مَحْرَمٍ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُونٌ عَلَيْهَا (وَ) تُكْرَهُ (اسْتِعَارَةُ وَالِدَيْهِ) إِذَا كَانَا رَقِيقَيْنِ، أَوْ أَحَدِهِمَا (لِلْخِدْمَةِ) لِأَنَّهُ يُكْرَهُ اسْتِخْدَامُهُمَا، فَكَذَا اسْتِعَارَتُهُمَا لِذَلِكَ، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ اسْتِعَارَةُ وَلَدِهِ لَهَا كَأُمِّ وَلَدِهِ.

[رُجُوعُ الْمُعِيرِ فِي الْعَارِيَةِ]

(وَلِلْمُعِيرِ الرُّجُوعُ مَتَى شَاءَ) لِأَنَّ الْمَنَافِعَ الْمُسْتَقْبَلَةَ لَمْ تَحْصُلْ فِي يَدِهِ فَلَمْ يَمْلِكْهَا بِالْإِعَارَةِ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ مُطْلَقَةً أَوْ مُؤَقَّتَةً، قَبْلَ الِانْتِفَاعِ أَوْ بَعْدَهُ، وَعَنْهُ: إِنْ عَيَّنَ مُدَّةً تَعَيَّنَتْ، وَعَنْهُ: وَمَعَ الْإِطْلَاقِ لَا يَرْجِعُ قَبْلَ انْتِفَاعِهِ، وَلَزِمَهُ تَرْكُهَا مُدَّةً يُنْتَفَعُ بِهَا فِي مِثْلِهَا. قَالَ الْقَاضِي: الْقَبْضُ شَرْطٌ فِي لُزُومِهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>