للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ إِذَا اخْتَلَفَا فَقَالَ: أَجَّرْتُكَ، قَالَ: بَلْ أَعَرْتَنِي عَقِبَ الْعَقْدِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاكِبِ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةٍ لَهَا أُجْرَةٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَالِكِ فِيمَا مَضَى مِنَ الْمُدَّةِ دُونَ مَا بَقِيَ مِنْهَا، وَهَلْ يَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ أَوِ الْمُدَّعِي إِنْ زَادَ عَلَيْهَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. وَإِنْ قَالَ: أَعَرْتُكَ، قَالَ: بَلْ آجَرْتَنِي، وَالْبَهِيمَةُ تَالِفَةٌ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَالِكِ.

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

[اخْتَلَفَ الْمُعِيرُ وَالْمُسْتَعِيرُ]

فَصْلٌ (إِذَا اخْتَلَفَا فَقَالَ: أَجَّرْتُكَ، قَالَ: بَلْ أَعَرْتَنِي، عَقِبَ الْعَقْدِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاكِبِ) مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ عَقْدِ الْإِجَارَةِ، وَحِينَئِذٍ تُرَدُّ الْعَيْنُ إِلَى مَالِكِهَا إِنْ كَانَتْ بَاقِيَةً؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ مِنْهَا، فَلَوْ عُكِسَ فِي الدَّعْوَى قُدِّمَ قَوْلُ الْمَالِكِ (وَإِنْ كَانَ بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةٍ لَهَا أُجْرَةٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَالِكِ) مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُمَا اخْتَلَفَا فِي كَيْفِيَّةِ انْتِقَالِ الْمَنَافِعِ إِلَى مِلْكِ الرَّاكِبِ، فَقُدِّمَ قَوْلُ الْمَالِكِ كَمَا لَوِ اخْتَلَفَا فِي عَيْنٍ، فَادَّعَى الْمَالِكُ بَيْعَهَا، وَالْآخَرُ هِبَتَهَا، إِذِ الْمَنَافِعُ تَجْرِي مَجْرَى الْأَعْيَانِ، وَقِيلَ: يُقَدَّمُ قَوْلُ الرَّاكِبِ لِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى تَلَفِ الْمَنَافِعِ عَلَى مِلْكِ الرَّاكِبِ، وَادَّعَى الْمَالِكُ عِوَضًا لَهَا، وَالْأَصْلُ عَدَمُ وُجُوبِهِ، وَبَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ مِنْهُ، وَعَلَى الْأَوَّلِ إِذَا حَلَفَ الْمَالِكُ اسْتَحَقَّ الْأُجْرَةَ (فِيمَا مَضَى مِنَ الْمُدَّةِ دُونَ مَا بَقِيَ مِنْهَا) ، فَإِنَّهُ يُقَدَّمُ قَوْلُ الْمُسْتَعِيرِ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوِ اخْتَلَفَا عَقِبَ الْعَقْدِ (وَهَلْ يَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ أَوِ الْمُدَّعِي إِنْ زَادَ عَلَيْهَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ) الْأَصَحُّ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُمَا لَوِ اتَّفَقَا عَلَى وُجُوبِهِ وَاخْتَلَفَا فِي قَدْرِهِ وَجَبَ أَجْرُ الْمِثْلِ، فَمَعَ الِاخْتِلَافِ فِي أَصْلِهِ أَوْلَى، وَالثَّانِي: يَسْتَحِقُّ الْمُسَمَّى إِنْ زَادَ عَلَى أَجْرِ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُ وَجَبَ بِقَوْلِ الْمَالِكِ وَيَمِينِهِ، فَوَجَبَ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ كَالْأَصْلِ، وَلَمْ يُقَيِّدْهُ فِي " الشَّرْحِ " وَلَا غَيْرِهِ بِالزِّيَادَةِ عَلَيْهَا، وَقِيلَ: يَسْتَحِقُّ أَقَلَّهُمَا، وَهُوَ اخْتِيَارُ الْمَجْدِ؛ لِأَنَّهُ إِنْ كَانَ الْمُسَمَّى فَقَدْ رَضِيَ بِهِ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ فَلَيْسَ لَهُ إِلَّا أَجْرُ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ لَمْ تَثْبُتْ، وَمِثْلُهُ لَوِ ادَّعَى أَنَّهُ زَرَعَهَا عَارِيَّةً، وَقَالَ رَبُّهَا: إِجَارَةً، ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ (وَإِنْ قَالَ: أَعَرْتُكَ، قَالَ: بَلْ آجَرْتَنِي، وَالْبَهِيمَةُ تَالِفَةٌ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَالِكِ) إِذَا كَانَ مَضَى مُدَّةٌ لَهَا أُجْرَةٌ، سَوَاءٌ ادَّعَى الْإِجَارَةَ أَوِ الْإِعَارَةَ؛ لِأَنَّهُ إِنِ ادَّعَى الْإِجَارَةَ فَهُوَ مُعْتَرِفٌ لِلرَّاكِبِ بِبَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ مِنْ ضَمَانِهَا فَقَبِلَ عَلَى نَفْسِهِ، وَإِنِ ادَّعَى الْإِعَارَةَ فَهُوَ يَدَّعِي قِيمَتَهَا، وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُمَا اخْتَلَفَا فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>