للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَكُونَ غَلَبَهُ رِيحٌ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى ضَبْطِهَا.

وَمَنْ أَتْلَفَ مِزْمَارًا أَوْ طُنْبُورًا أَوْ صَلِيبًا أَوْ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

قُدِّمَ قَوْلُ الْقَيِّمِ مَعَ يَمِينِهِ (وَإِنْ كَانَتْ إِحْدَاهُمَا مُنْحَدِرَةً، فَعَلَى صَاحِبِهَا ضَمَانُ الْمُصْعِدَةِ) لِأَنَّهَا تَنْحَطُّ عَلَيْهَا مِنْ عُلُوٍّ، فَيَكُونُ سَبَبًا لِغَرَقِهَا، فَتَنْزِلُ الْمُنْحَدِرَةُ مَنْزِلَةَ السَّائِرَةِ، وَالصَّاعِدَةُ بِمَنْزِلَةِ الْوَاقِفَةِ (إِلَّا أَنْ يَكُونَ غَلَبَهُ رِيحٌ) أَوِ الْمَاءُ شَدِيدُ الْجَرْيَةِ (فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى ضَبْطِهَا) فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ مُفَرِّطًا، وَلِأَنَّ التَّلَفَ يُمْكِنُ اسْتِنَادُهُ إِلَى الرِّيحِ، فَإِنْ فَرَّطَ صَاحِبُ الْمُصْعِدَةِ بِأَنْ كَانَ يُمْكِنُهُ الْعُدُولُ بِسَفِينَتِهِ ضَمِنَ، وَإِنْ كَانَ إِحْدَاهُمَا سَائِرَةً، وَالْأُخْرَى وَاقِفَةً فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا، وَعَلَى السَّائِرَةِ ضَمَانُ الْوَاقِفَةِ إِنْ كَانَ الْقَيِّمُ مُفَرِّطًا، وَإِلَّا فَلَا.

فَرْعٌ: إِذَا كَانَتْ دَابَّةٌ عَلَيْهَا حَطَبٌ، فَخَرَقَ ثَوْبَ آدَمِيٍّ بَصِيرٍ عَاقِلٍ يَجِدُ مُنْحَرَفًا فَهَدَرٌ، وَكَذَا لَوْ كَانَ مُسْتَدِيرًا فَصَاحَ بِهِ مُنَبِّهًا لَهُ، وَإِلَّا ضَمِنَ، ذَكَرَهُ فِي " التَّرْغِيبِ ".

[أَتْلَفَ مِزْمَارًا أَوْ طُنْبُورًا]

(وَمَنْ أَتْلَفَ مِزْمَارًا) وَيُقَالُ: مُزْمُورٌ بِضَمِّ الْمِيمِ الْأُولَى (أَوْ طُنْبُورًا) وَهُوَ بِضَمِّ الطَّاءِ، وَهُوَ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ، وَالطِّنْبَارُ لُغَةٌ فِيهِ بِوَزْنِ سِنْجَارٍ (أَوْ صَلِيبًا) لَمْ يَضْمَنْهُ فِي قَوْلِ الْجَمَاهِيرِ، وَلَوْ مَعَ صَبِيٍّ، نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ بَيْعُهُ فَلَمْ يُضْمَنْ كَالْمَيْتَةِ، وَلِلْخَبَرِ «إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ بَيْعَ الْخَمْرِ، وَالْمَيْتَةِ، وَالْخِنْزِيرِ، وَالْأَصْنَامِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَلَوْ عَبَّرَ بِالْمُلْهِي لَعَمَّ، كَعُودٍ، وَطَبْلٍ، وَدُفٍّ بِصُنُوجٍ، أَوْ حَلَقٍ، نَصَّ عَلَيْهِمَا، وَنَرْدٍ، وَشَطْرَنْجَ، أَوْ آلَةِ سِحْرٍ أَوْ تَنْجِيمٍ، وَنَحْوِهِ (أَوْ كَسَرَ إِنَاءَ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ) لَمْ يَضْمَنْهُ، نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَ مَا لَيْسَ بِمُبَاحٍ فَلَمْ يَضْمَنْهُ كَالْمَيْتَةِ، وَعَنْهُ: بَلَى، حَكَاهَا أَبُو الْخَطَّابِ، نَقَلَ مُهَنَّا فِيمَنْ هَشَّمَ عَلَى غَيْرِهِ إِبْرِيقَ فِضَّةٍ: عَلَيْهِ قِيمَتُهُ يَصُوغُهُ كَمَا كَانَ، فَقِيلَ لَهُ: أَلَيْسَ قَدْ نَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنِ اتِّخَاذِهَا فَسَكَتَ، فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ رَجَعَ عَنْ قَوْلِهِ ذَلِكَ (أَوْ إِنَاءَ خَمْرٍ لَمْ يَضْمَنْهُ) عَلَى الْأَصَحِّ لِمَا «رَوَى ابْنُ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ مُدْيَةً، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى أَسْوَاقِ الْمَدِينَةِ وَفِيهَا زِقَاقُ الْخَمْرِ، قَدْ جُلِبَتْ مِنَ الشَّامِ فَشُقَّتْ بِحَضْرَتِهِ، وَأَمَرَ أَصْحَابَهُ بِذَلِكَ» ، رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَهَذَا إِذَا كَانَ الْخَمْرُ الَّذِي فِيهَا يُؤْمَرُ بِإِرَاقَتِهِ، قَدَرَ أَنْ يُرِيقَهَا بِدُونِهِ أَوْ عَجَزَ، نَقَلَهُ الْمَرُّوذِيُّ، وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>