للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ شِقْصًا مُشَاعًا مِنْ عَقَارٍ، وَلَا شُفْعَةَ فِيمَا لَا تَجِبُ قِسْمَتُهُ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

وَالصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ) هَذَا ظَاهِرُ الْخِرَقِيِّ، وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّهُ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ "؛ لِأَنَّهُ مَمْلُوكٌ بِغَيْرِ الْمَالِ أَشْبَهَ الْإِرْثَ، وَالثَّانِي يَجِبُ، اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ، وَقَالَهُ ابْنُ شُبْرُمَةَ، وَابْنُ أَبِي لَيْلَى؛ لِأَنَّهُ مَمْلُوكٌ بِعَقْدِ مُعَاوَضَةٍ، أَشْبَهَ الْبَيْعَ، وَأَطْلَقَ فِي " الْفُرُوعِ " الْخِلَافَ، ثُمَّ قَالَ: وَعَلَى قِيَاسِهِ مَا أُخِذَ أُجْرَةً، أَوْ ثَمَنًا فِي سَلَمٍ، أَوْ عِوَضًا فِي كِتَابَةٍ، فَإِنْ وَجَبَتْ، فَقِيلَ: يَأْخُذُهُ بِقِيمَتِهِ، وَقِيلَ: بِقِيمَةِ مُقَابِلِهِ، وَعَلَى الْأَخْذِ لَوْ طَلَّقَ الزَّوْجُ بَعْدَ الدُّخُولِ بَعْدَ عَفْوِ الشَّفِيعِ رَجَعَ بِنِصْفِ مَا أَصْدَقَهَا؛ لِأَنَّهُ مَوْجُودٌ فِي يَدِهَا نَصِفُهُ، وَإِنْ طَلَّقَهَا بَعْدَ أَخْذِ الشَّفِيعِ رَجَعَ بِنِصْفِ قِيمَتِهِ؛ لِأَنَّ مِلْكَهَا زَالَ عَنْهُ، وَإِنْ طَلَّقَ قَبْلَ عِلْمِ الشَّفِيعِ ثُمَّ عَلِمَ فَوَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: يُقَدَّمُ حَقُّ الشَّفِيعِ؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ بِالنِّكَاحِ السَّابِقِ.

وَالثَّانِي: يُقَدَّمُ حَقُّ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ، وَهُمَا مَعْدُومَانِ فِي الشُّفْعَةِ هُنَا، وَفُهِمَ مِنْهُ أَنَّ مَا انْتَقَلَ بِعِوَضٍ مَالِيٍّ كَالصُّلْحِ بِمَعْنَى الْبَيْعِ، وَالصُّلْحِ عَنِ الْجِنَايَةِ الْمُوجِبَةِ لِلْمَالِ، وَالْهِبَةِ الْمَشْرُوطِ فِيهَا ثَوَابٌ مَعْلُومٌ، فَإِنَّهَا تُثْبَتُ فِيهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُثْبَتُ فِيهِ أَحْكَامُ الْبَيْعِ.

فَرْعٌ: إِذَا جَنَى جِنَايَتَيْنِ عَمْدًا أَوْ خَطَأً، فَصَالَحَهُ مِنْهُمَا عَلَى شِقْصٍ، فَالشُّفْعَةُ فِي نِصْفِهِ فَقَطْ إِنْ قُلْنَا: مُوجَبُ الْعَمْدِ الْقِصَاصُ عَيْنًا، وَإِلَّا وَجَبَ فِي الْجَمِيعِ.

[الشَّرْطُ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ شِقْصًا]

فَصْلٌ (الثَّانِي أَنْ يَكُونَ) الْمَبِيعُ (شِقْصًا) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ، قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ: هُوَ مِنَ الْأَرْضِ، وَالطَّائِفَةُ مِنَ الشَّيْءِ (مُشَاعًا مِنْ عَقَارٍ) مُرَادُهُمْ بِالْعَقَارِ هُنَا الْأَرْضُ دُونَ الْغِرَاسِ وَالْبِنَاءِ لِمَا يَأْتِي، وَظَاهِرُ كَلَامِ أَهْلِ اللُّغَةِ بَلْ صَرِيحُهُ أَنَّ النَّخْلَ عَقَارٌ (يَنْقَسِمُ) أَيْ تَجِبُ قِسْمَتُهُ، وَعَنْهُ: مُطْلَقًا، اخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ، وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>