للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دِرْهَمًا ثُمَّ رَدَّهُ فَضَاعَ الْكُلُّ ضَمِنَهُ وَحْدَهُ، وَعَنْهُ: يَضْمَنُ الْجَمِيعَ، وَإِنْ رَدَّ بَدَلَهُ مُتَمَيِّزًا فَكَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُتَمَيِّزٍ ضَمِنَ الْجَمِيعَ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَضْمَنَ غَيْرَهُ.

وَإِنْ أَوْدَعَهُ صَبِيٌّ وَدِيعَةً ضَمِنَهَا، وَلَمْ يَبْرَأْ إِلَّا بِالتَّسْلِيمِ إِلَى وَلِيِّهِ، وَإِنْ أَوْدَعَ الصَّبِيَّ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

يَضْمَنْ؛ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ فِيهِ شَرْعًا، وَعُرْفًا، وَلِهَذَا يَضْمَنُ إِذَا تَلِفَتْ بِتَرْكِهِ (وَإِنْ أَخَذَ دِرْهَمًا ثُمَّ رَدَّهُ فَضَاعَ الْكُلُّ ضَمِنَهُ وَحْدَهُ) فِي الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ تَعَلَّقَ بِالْأَخْذِ فَلَمْ يَضْمَنْ غَيْرَ مَا أَخَذَهُ، بِدَلِيلِ مَا لَوْ تَلِفَ فِي يَدِهِ قَبْلَ رَدِّهِ (وَعَنْهُ: يَضْمَنُ الْجَمِيعَ) حَكَاهَا فِي " التَّلْخِيصِ " وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهَا وَدِيعَةٌ قَدْ تَعَدَّى فِيهَا فَضَمِنَهَا، كَمَا لَوْ أَخَذَ الْجَمِيعَ (وَإِنْ رَدَّ بَدَلَهَ مُتَمَيِّزًا فَكَذَلِكَ) أَيْ: يَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ (وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُتَمَيِّزٍ ضَمِنَ الْجَمِيعَ) عَلَى الْمَذْهَبِ، وَقَالَهُ الْقَاضِي لِخَلْطِهِ الْوَدِيعَةَ بِمَا لَا تَتَمَيَّزُ (وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَضْمَنَ غَيْرَهُ) وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْخِرَقِيِّ، وَقَطَعَ بِهِ الْقَاضِي فِي " التَّعْلِيقِ ".

وَحُكِيَ عَنْهُ فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ أَنَّهُ أَنْكَرَ الْقَوْلَ بِتَضْمِينِ الْجَمِيعِ، قَالَ: وَإِنَّهُ قَوْلُ سُوءٍ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ مَنُوطٌ بِالتَّعَدِّي، وَهُوَ مُخْتَصٌّ بِالْمَأْخُوذِ، وَكَذَا إِنْ أَذِنَ فِي أَخْذِهِ مِنْهَا، فَرَدَّ بَدَلَهُ بِلَا إِذْنِهِ، وَشَرْطُهَا كَمَا جُزِمَ بِهِ فِي " الْمُغْنِي "، وَ " الشَّرْحِ " إِذَا كَانَتْ غَيْرَ مَخْتُومَةٍ، وَلَا مَشْدُودَةٍ، فَإِنْ كَانَتْ كَذَلِكَ ضَمِنَ الْجَمِيعَ لِهَتْكِ الْحِرْزِ، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ الْقَاضِي، وَقِيَاسُ قَوْلِ الْأَصْحَابِ.

فَرْعٌ: إِذَا مَنَعَهَا بَعْدَ طَلَبِ طَالِبِهَا شَرْعًا وَالتَّمَكُّنِ، وَلَوْ كَانَ مُسْتَأْجِرًا لَهَا ضَمِنَ، فَإِنْ ضَمِنَهَا فَجَدَّدَ لَهُ صَاحِبُهَا اسْتِئْمَانًا، أَوْ أَبْرَأَهُ بَرِئَ فِي الْأَصَحِّ كَرَدِّهِ إِلَيْهِ، أَوْ إِنْ جِئْتَ ثُمَّ تَرَكْتَ، فَأَنْتَ أَمِينِي، ذَكَرَهُ فِي " الِانْتِصَارِ "، فَإِنْ رَدَّهَا فَهُوَ ابْتِدَاءُ اسْتِئْمَانٍ.

[أَوْدَعَ الصَّبِيَّ وَدِيعَةً فَتَلِفَتْ]

(وَإِنْ أَوْدَعَهُ صَبِيٌّ وَدِيعَةً ضَمِنَهَا) لِأَنَّهُ أَخَذَ مَالَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إِذْنٍ شَرْعِيٍّ، أَشْبَهَ مَا لَوْ غَصَبَهُ مَا لَمْ يَكُنْ مَأْذُونًا لَهُ فِي التَّصَرُّفِ (وَلَمْ يَبْرَأْ إِلَّا بِالتَّسْلِيمِ إِلَى وَلِيِّهِ) أَيِ النَّاظِرِ فِي مَالِهِ، كَمَا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فِي ذِمَّتِهِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَزُولُ عَنْهُ الضَّمَانُ بِرَدِّهَا إِلَى الْمُودِعِ، لَكِنْ إِنْ خَافَ عَلَيْهَا التَّلَفَ إِنْ لَمْ يَأْخُذْهَا لَمْ يَضْمَنْ؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ تَخْلِيصَهَا مِنَ الْهَلَاكِ، جُزِمَ بِهِ فِي " الشَّرْحِ "، وَ " الْوَجِيزِ " (وَإِنْ أَوْدَعَ الصَّبِيَّ) أَوِ الْمَعْتُوهَ، أَوِ السَّفِيهَ (وَدِيعَةً فَتَلِفَتْ بِتَفْرِيطِهِ لَمْ يَضْمَنْ) لِأَنَّ مَالِكَهَا قَدْ فَرَّطَ فِي تَسْلِيمِهَا إِلَيْهِ، وَإِنْ أَتْلَفَهَا لَمْ يَضْمَنْ سَوَاءٌ أَتْلَفَهَا بِأَكْلٍ أَوْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ سَلَّطَهُ عَلَى إِتْلَافِهَا بِدَفْعِهَا إِلَيْهِ (وَقَالَ الْقَاضِي: يَضْمَنُ) نَصَرَهُ فِي " الشَّرْحِ " وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ مَا ضُمِنَ بِالْإِتْلَافِ قَبْلَ الْإِيدَاعِ ضُمِنَ بِهِ بَعْدَهُ، وَقَوْلُهُمْ: إِنَّهُ سَلَّطَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>