للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَدَ الْأَلْفَاظِ الْبَاقِيَةِ أَوْ حُكْمَ الْوَقْفِ، فَيَقُولُ: تَصَدَّقْتُ صَدَقَةً مَوْقُوفَةً، أَوْ مُحَبَّسَةً، أَوْ مُسَبَّلَةً، أَوْ مُحَرَّمَةً، أَوْ مُؤَبَّدَةً، وَلَا تُبَاعُ وَلَا تُوهَبُ وَلَا تُورَثُ

وَلَا يَصِحُّ إِلَّا بِشُرُوطٍ أَرْبَعَةٍ، أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ فِي عَيْنٍ يَجُوزُ بَيْعُهَا وَيُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهَا دَائِمًا

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

اللَّفْظَ يَتَرَجَّحُ بِذَلِكَ؛ لِإِرَادَةِ الْوَقْفِ (أَوْ) يَقْرِنَ بِهِ (حُكْمُ الْوَقْفِ فَيَقُولُ: تَصَدَّقْتُ صَدَقَةً مَوْقُوفَةً، أَوْ مُحَبَّسَةً، أَوْ مُسَبَّلَةً، أَوْ مُحَرَّمَةً، أَوْ مُؤَبَّدَةً) ، هَذَا مِثَالٌ لِلْأَوَّلِ (وَلَا تُبَاعُ، وَلَا تُوهَبُ، وَلَا تُورَثُ) ، هَذَا مِثَالٌ لِلثَّانِي؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْقَرِينَةَ تُزِيلُ الِاشْتِرَاكَ، وَذَكَرَ أَبُو الْفَرَجِ أَنَّ " أَبَّدْتُ " صَرِيحٌ، وَأَنَّ - صَدَقَةً مَوْقُوفَةً أَوْ مُؤَبَّدَةً أَوْ لَا تُبَاعُ - كِنَايَةً.

[شُرُوطُ صِحَّةِ الْوَقْفِ]

[الشَّرْطُ الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ فِي عَيْنٍ يَجُوزُ بَيْعُهَا وَيُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهَا دَائِمًا]

(وَلَا يَصِحُّ إِلَّا بِشُرُوطٍ أَرْبَعَةٍ) لَمْ يَتَعَرَّضِ الْمُؤَلِّفُ لِلْوَاقِفِ؛ لِظُهُورِهِ، وَشَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ مَالِكًا جَائِزَ التَّصَرُّفِ، وَهُوَ فِي الصِّحَّةِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَفِي مَرَضِ الْمَوْتِ، أَوْ مَا نَزَلْ مَنْزِلَتَهُ مِنَ الثُّلُثِ.

(أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ فِي عَيْنٍ يَجُوزُ بَيْعُهَا، وَيُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهَا دَائِمًا مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهَا) ، قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ: بَقَاءً مُتَطَاوِلًا أَدْنَاهُ عُمْرُ الْحَيَوَانِ (كَالْعَقَارِ) لِحَدِيثِ عُمَرَ، قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ: إِنَّمَا الْوَقْفُ فِي الدُّورِ وَالْأَرَضِينَ عَلَى مَا وَقَفَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: وَظَاهِرُ هَذَا حَصْرُهُ عَلَى الْعَقَارِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يَتَأَبَّدُ حَقِيقَةً بِخِلَافِ غَيْرِهِ، (وَالْحَيَوَانِ) ؛ لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: «مَنِ احْتَبَسَ فَرَسًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، فَإِنَّ شِبَعَهُ، وَرَوْثَهُ، وَبَوْلَهُ فِي مِيزَانِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَسَنَاتٌ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ؛ وَلِأَنَّهُ يَحْصُلُ تَحْبِيسُ الْأَصْلِ وَتَسْبِيلُ الْمَنْفَعَةِ، فَصَحَّ وَقْفُهُ كَالْعَقَارِ (وَالْأَثَاثِ وَالسِّلَاحِ) ؛ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «أَمَّا خَالِدٌ فَقَدِ احْتَبَسَ أَدْرَاعَهُ وَأَعْتَادَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» ، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَفِي لَفْظٍ لِلْبُخَارِيِّ " وَأَعْتُدَهُ ".

قَالَ الْخَطَّابِيُّ: الْأَعْتَادُ مَا يَعُدُّهُ الرَّجُلُ مِنْ مَرْكُوبٍ، وَسِلَاحٍ، وَآلَةِ الْجِهَادِ. وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ: لَا يَجُوزُ وَقْفُ سِلَاحٍ، ذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ؛ وَعَنْهُ: وَلَا مَنْقُولَ؛ لِأَنَّهَا أَعْيَانٌ لَا تَبْقَى عَلَى التَّأْبِيدِ، فَلَمْ يَجُزْ وَقْفُهَا كَالطَّعَامِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>