للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَفْتُ دَارِي سَنَةً لَمْ يَصِحَّ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَصِحَّ، وَيُصْرَفُ بَعْدَهَا مَصْرِفَ الْمُنْقَطِعِ، وَلَا يُشْتَرَطُ إِخْرَاجُ الْوَقْفِ عَنْ يَدِهِ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ.

فَصْلٌ وَيَمْلِكُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ الْوَقْفَ، وَعَنْهُ: لَا يَمْلِكُهُ، وَيَمْلِكُ صُوفَهُ، وَلَبَنَهُ، وَثَمَرَتَهُ،

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

وَقِيلَ: وَعَلَيْهِ كَمَا لَوْ وَقَفَ عَلَى فُقَرَاءِ بَلَدٍ مُعَيَّنٍ (وَإِذَا قَالَ: وَقَفْتُ دَارِي سَنَةً لَمْ يَصِحَّ) ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَى الْوَقْفِ التَّأْبِيدَ، وَهَذَا يُنَافِيهِ، فَلَوْ قَالَ: وَقَفْتُ هَذَا عَلَى وَلَدِي سَنَةً ثُمَّ عَلَى الْمَسَاكِينِ صَحَّ (وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَصِحَّ) ؛ لِأَنَّهُ مُنْقَطِعُ الِانْتِهَاءِ، وَقَدْ بَيَّنَّا صِحَّتَهُ (وَ) حِينَئِذٍ (يُصْرَفُ بَعْدَهَا) أَيْ بَعْدَ السَّنَةِ (مَصْرِفَ الْمُنْقَطِعِ) أَيْ مُنْقَطِعِ الِانْتِهَاءِ (وَلَا يُشْتَرَطُ إِخْرَاجُ الْوَقْفِ عَنْ يَدِهِ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ) فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ يَزُولُ بِهِ مِلْكُ الْوَاقِفِ، وَيَلْزَمُ بِمُجَرَّدِ اللَّفْظِ؛ لِحَدِيثِ عُمَرَ السَّابِقِ، وَلِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ يَمْنَعُ الْبَيْعَ وَالْهِبَةَ، فَيَلْزَمُ بِمُجَرَّدِهِ كَالْعِتْقِ.

وَالثَّانِيَةُ: لَا يَلْزَمُ إِلَّا بِالْقَبْضِ وَإِخْرَاجِ الْوَقْفِ عَنْ يَدِهِ، اخْتَارَهَا ابْنُ أَبِي مُوسَى، وَقَالَهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ؛ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ بِمَالٍ لَمْ يُخْرِجْهُ عَنِ الْمَالِيَّةِ، فَلَمْ يَلْزَمْ بِمُجَرَّدِهِ كَالْهِبَةِ، فَلَوْ شَرَطَ نَظَرَهُ لَهُ سَلَّمَهُ لِيَدِ غَيْرِهِ ثُمَّ ارْتَجَعَهُ، وَأُجِيبَ بِالْفَرْقِ، فَإِنَّهَا تَمْلِيكٌ مُطْلَقٌ، وَالْوَقْفُ تَحْبِيسُ الْأَصْلِ، وَتَسْبِيلُ الْمَنْفَعَةِ فَهُوَ بِالْعِتْقِ أَشْبَهُ، فَإِلْحَاقُهُ بِهِ أَوْلَى، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْخِلَافَ فِي لُزُومِ الْوَقْفِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِ، وَصَرَّحَ فِي " الْهِدَايَةِ " أَنَّهُ فِي الصِّحَّةِ، وَلَعَلَّهُ ظَاهِرُ الْمَتْنِ.

[فَصْلٌ: وَيَمْلِكُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ الْوَقْفَ]

َ) فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّهُ سَبَبٌ يُزِيلُ التَّصَرُّفَ فِي الرَّقَبَةِ، فَمَلَكَهُ الْمُنْتَقَلُ إِلَيْهِ كَالْهِبَةِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّا لَا يُمْلَكُ كَالْمَسْجِدِ وَنَحْوِهِ، فَإِنَّ الْمِلْكَ فِيهِ يَنْتَقِلُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى (وَعَنْهُ: لَا يَمْلِكُهُ) الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ، وَيَكُونُ تَمْلِيكًا لِلَّهِ تَعَالَى، وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ أَبِي مُوسَى؛ لِأَنَّهُ إِزَالَةُ مِلْكٍ عَنِ الْعَيْنِ، وَالْمَنْفَعَةُ عَلَى وَجْهِ الْقُرْبَةِ بِتَمْلِيكِ الْمَنْفَعَةِ فَلَمْ يَنْتَقِلْ إِلَى صَاحِبِهَا كَالْعِتْقِ، وَلِأَنَّهُ لَوِ انْتَقَلَ إِلَيْهِ لَافْتَقَرَ إِلَى قَبُولِهِ كَسَائِرِ الْأَمْلَاكِ، وَعَنْهُ: أَنَّهُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ الْوَاقِفِ؛ لِقَوْلِهِ: «إِنْ شِئْتَ حَبَسْتَ أَصْلَهَا وَتَصَدَّقْتَ

<<  <  ج: ص:  >  >>