للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَيْعًا، وَعَنْهُ: يَغْلِبُ فِيهَا حُكْمُ الْهِبَةِ، وَإِنْ شَرَطَ ثَوَابًا مَجْهُولًا لَمْ تَصِحَّ، وَعَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: يُرْضِيهِ بِشَيْءٍ، فَعَلَى هَذَا إِنْ لَمْ يَرْضَ فَلَهُ الرُّجُوعُ فِيهَا أَوْ فِي عِوَضِهَا إِنْ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

هِبَةً أَرَادَ بِهَا الثَّوَابَ فَهُوَ عَلَى هِبَتِهِ يَرْجِعُ فِيهَا إِذَا لَمْ يَرْضَ مِنْهَا، وَجَوَابُهُ بِأَنَّهَا عَطِيَّةٌ عَلَى وَجْهِ التَّبَرُّعِ، فَلَمْ يَقْتَضِ ثَوَابًا كَهِبَةِ الْمِثْلِ وَالْوَصِيَّةِ، أَوْ قَوْلِ عُمَرَ خَالَفَهُ ابْنُهُ، وَابْنُ عَبَّاسٍ.

وَقِيلَ: يَقْتَضِي عِوَضًا مَعَ عُرْفٍ، فَلَوْ أَعْطَاهُ لِيُعَاوِضَهُ، أَوْ لِيَقْضِيَ لَهُ حَاجَةً فَلَمْ يَفِ فَكَالشَّرْطِ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، فَعَلَى مَا ذَكَرَهُ لَوْ عَوَّضَهُ عَنِ الْهِبَةِ كَانَتْ هِبَةً مُبْتَدَأَةً لَا عِوَضًا، أَيُّهُمَا أَصَابَ عَيْبًا لَمْ يَكُنْ لَهُ الرَّدُّ، وَإِنْ خَرَجَتْ مُسْتَحِقَّةٌ أَخَذَهَا صَاحِبُهَا وَلَمْ يَرْجِعِ الْمَوْهُوبُ لَهُ بِبَدَلِهَا.

[شَرَطَ عِوَضًا مَجْهُولًا فِي الْهِبَةِ]

(وَإِنْ شَرَطَ ثَوَابًا) أَيْ عِوَضًا (مَجْهُولًا لَمْ تَصِحَّ) الْهِبَةُ؛ لِأَنَّهُ عِوَضٌ مَجْهُولٌ فِي مُعَاوَضَةٍ، فَلَمْ يَصِحَّ كَالْبَيْعِ، وَحِينَئِذٍ حُكْمُهَا حُكْمُ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ، فَيَرُدُّهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ بِزِيَادَتِهَا مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهَا نَمَاءُ مِلْكِ الْوَاهِبِ، وَإِنْ كَانَتْ تَالِفَةً رَدَّ قِيمَتَهَا (وَعَنْهُ: أَنَّهُ قَالَ: يُرْضِيهِ بِشَيْءٍ) ، أَيْ هُوَ صَحِيحٌ، وَذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، ظَاهِرَ الْمَذْهَبِ، فَإِذَا أَعْطَاهُ عَنْهَا عِوَضًا رَضِيَهُ لَزِمَ الْعَقْدُ؛ لِأَنَّهَا تَصِحُّ بِغَيْرِ عِوَضٍ، فَلِأَنْ تَصِحَّ بِعِوَضٍ مَجْهُولٍ مِنْ بَابِ أَوْلَى.

قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَكَمِ: هَذَا لَكَ عَلَى أَنْ تُثِيبَنِي فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ إِذَا لَمْ يُثِبْهُ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ، وَنَصَّ عَلَى مَعْنَاهُ فِي رِوَايَةِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سَعِيدٍ، وَلَا يَجُوزُ أَنَّ يُكَافِئَهُ بِالشُّكْرِ وَالثَّنَاءِ، نَصَّ عَلَيْهِ (فَعَلَى هَذَا إِنْ لَمْ يَرْضَ فَلَهُ الرُّجُوعُ فِيهَا أَوْ فِي عِوَضِهَا إِنْ كَانَتْ تَالِفَةً) ؛ لِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ فَاسِدٌ، فَيَلْزَمُهُ ضَمَانُ الْعَيْنِ إِذَا تَلِفَتْ كَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ، وَقِيلَ: يُعْطِيهِ قَدْرَ قِيمَتِهَا، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ؛ لِأَنَّ هَذَا بَيْعٌ فَيُعْتَبَرُ التَّرَاضِي، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ يَرْجِعُ فِي الْعَيْنِ مَعَ بَقَائِهَا مُطْلَقًا، لَكِنْ إِنْ تَغَيَّرَتْ بِزِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ وَلَمْ يُثِبْهُ مِنْهَا، فَقَالَ أَحْمَدُ: لَا أَرَى عَلَيْهِ نُقْصَانَ مَا نَقَصَ عِنْدَهُ إِذَا رَدَّهُ إِلَى صَاحِبِهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ ثَوْبًا لَبِسَهُ، أَوْ جَارِيَةً اسْتَخْدَمَهَا، فَأَمَّا غَيْرُ ذَلِكَ إِذَا نَقَصَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَالرَّهْنِ.

فَرْعٌ: إِذَا ادَّعَى رَبُّهَا شَرْطَ الْعِوَضِ، أَوْ قَالَ: رَهَنْتَنِي مَا بِيَدِي، فَقَالَ: بَلْ بِعْتُكَهُ،

<<  <  ج: ص:  >  >>