للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كُلِّ مَا يَجُوزُ بَيْعُهُ.

وَلَا تَصِحُّ هِبَةُ الْمَجْهُولِ وَمَا لَا يَقْدِرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ

وَلَا يَجُوزُ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

صِحَّةِ الْبَرَاءَةِ وَجْهَانِ، أَصْلُهُمَا مَا لَوْ بَاعَ مَالًا كَانَ لِمُوَرِّثِهِ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ بَاقٍ لِمُوَرِّثِهِ، وَكَانَ قَدْ مَاتَ وَانْتَقَلَ إِلَيْهِ.

[هِبَةُ الْمُشَاعِ]

(وَتَصِحُّ هِبَةُ الْمُشَاعِ) ، جَزَمَ بِهِ الْأَكْثَرُ؛ لِمَا فِي الصَّحِيحِ «أَنَّ وَفْدَ هَوَازِنَ لَمَّا جَاءُوا يَطْلُبُونَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِمْ مَا غَنِمَ مِنْهُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: مَا كَانَ لِي وَلِبَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَهُوَ لَكُمْ» ، وَلِأَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ، وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ أَمْكَنَ قِسْمَتُهُ أَوْ لَا، لَكِنْ يُعْتَبَرُ لِقَبْضِهِ إِذْنُ الشَّرِيكِ، قَالَهُ فِي " الْمُجَرَّدِ "، فَيَكُونُ نِصْفُهُ مَقْبُوضًا تَمَلُّكًا، وَنِصْفُ الشَّرِيكِ أَمَانَةً، وَقَالَ فِي " الْفُنُونِ " بَلْ عَارِيَةٌ مَضْمُونَةٌ، وَفِي " الرِّعَايَةِ " مَنِ اتُّهِبَ مُبْهَمًا أَوْ مُشَاعًا مِنْ مَنْقُولٍ أَوْ غَيْرِهِ فَأَذِنَ لَهُ شَرِيكُهُ فِي الْقَبْضِ - كَانَ سَهْمُهُ أَمَانَةً مَعَ الْمُتَّهَبِ، أَوْ يُوَكِّلُ الْمُتَّهَبُ شَرِيكَهُ فِي قَبْضِ سَهْمِهِ مِنْهُ، وَيَكُونُ بِيَدِهِ أَمَانَةً، وَإِنْ تَنَازَعَا قَبَضَ لَهُمَا وَكِيلُهُمَا أَوْ أَمِينُ الْحَاكِمِ، وَالْأَشْهَرُ إِنْ أُذِنَ لَهُ فِي التَّصَرُّفِ مَجَّانًا فَكَعَارِيَةٍ، وَإِنْ كَانَ بِأُجْرَةٍ فَكَمَأْجُورٍ (وَ) تَصِحُّ (هِبَةُ كُلِّ مَا يَجُوزُ بَيْعُهُ) ؛ لِأَنَّهُ تَمْلِيكٌ فِي الْحَيَاةِ فَصَحَّ كَالْبَيْعِ، وَظَاهِرُهُ أَنْ مَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ لَا تَجُوزُ هِبَتُهُ، وَفِي أُمِّ الْوَلَدِ أَوْجُهٌ، وَفِي الْكَلْبِ الْمُعَلَّمِ وَالصُّوفِ عَلَى الظَّهْرِ وَجْهَانِ، وَفِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ " وَ " الْوَجِيزِ " تَصِحُّ هِبَتُهُ، وَنَجَاسَةٌ يُبَاحُ نَفْعُهَا كَالْوَصِيَّةِ، نَقَلَ حَنْبَلٌ فِيمَنْ أَهْدَى إِلَى رَجُلٍ كَلْبَ صَيْدٍ تُرَى لَهُ أَنْ يُثِيبَ عَلَيْهِ؛ قَالَ: هَذَا خِلَافُ الثَّمَنِ، هَذَا عِوَضٌ مِنْ شَيْءٍ، فَأَمَّا الثَّمَنُ فَلَا.

[هِبَةُ الْمَجْهُولِ]

(وَلَا تَصِحُّ هِبَةُ الْمَجْهُولِ) كَالْحَمْلِ فِي الْبَطْنِ، وَاللَّبَنِ فِي الضَّرْعِ، نَصَّ عَلَيْهِ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ، وَحَرْبٍ؛ لِأَنَّهُ تَمْلِيكٌ، فَلَمْ يَصِحَّ فِي الْمَجْهُولِ، كَالْبَيْعِ وَشَرْطِهِ، إِلَّا مَا تَعَذَّرَ عِلْمُهُ كَالصُّلْحِ، صَرَّحَ بِهِ الْأَئِمَّةُ، وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ إِنْ كَانَ مِنَ الْوَاهِبِ دُونَ الْمُتَّهَبِ لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا تَصِحُّ هِبَةُ الْمَعْدُومِ، كَالَّتِي تَحْمِلُ أَمَتُهُ أَوْ شَجَرَتُهُ مِنْ بَابٍ أَوْلَى. (وَمَا لَا يَقْدِرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ) كَالْآبِقِ، وَالشَّارِدِ، وَالْمَغْصُوبِ لِغَيْرِ غَاصِبِهِ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ يَفْتَقِرُ إِلَى الْقَبْضِ أَشْبَهَ الْبَيْعَ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إِذَا وَهَبَهُ لِغَاصِبِهِ أَوْ لِمَنْ يَتَمَكَّنُ مِنْ أَخْذِهِ صَحَّ؛ لِإِمْكَانِ قَبْضِهِ، وَلَيْسَ لِغَيْرِ الْغَاصِبِ الْقَبْضُ إِلَّا بِإِذْنِ الْوَاهِبِ، فَإِنْ وَكَّلَ الْمَالِكُ الْغَاصِبَ فِي تَقْبِيضِهِ صَحَّ، وَإِنْ وَكَّلَ الْمُتَّهَبُ الْغَاصِبَ فِي الْقَبْضِ لَهُ، فَقَبِلَ، وَمَضَى زَمَنٌ يُمْكِنُ

<<  <  ج: ص:  >  >>