للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَيَصِحُّ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَإِنْ كَانَتْ مَعَ وَارِثٍ، وَيَحْتَمِلُ أَلَا يَصِحَّ لِوَارِثٍ. وَإِنْ حَابَا وَارِثَهُ، فَقَالَ الْقَاضِي: يَبْطُلُ فِي قَدْرِ مَا حَابَاهُ، وَتَصِحُّ فِيمَا عَدَاهُ، وَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ؛ لِأَنَّ الصَّفْقَةَ تَبَعَّضَتْ فِي حَقِّهِ، فَإِنْ كَانَ لَهُ شَفِيعٌ فَلَهُ أَخْذُهُ، فَإِنْ أَخَذَهُ فَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي.

وَإِنْ بَاعَ الْمَرِيضُ أَجْنَبِيًّا وَحَابَاهُ وَكَانَ شَفِيعُهُ وَارِثًا فَلَهُ الْأَخْذُ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

وَلَا تُهْمَةَ فَصَحَّتْ كَالْأَجْنَبِيِّ (وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَصِحَّ لِوَارِثٍ) ، هَذِهِ رِوَايَةٌ؛ لِأَنَّهُ خَصَّهُ بِعَيْنِ الْمَالِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ حَابَاهُ، وَمَعْنَاهُ أَنَّهَا لَا تَصِحُّ مَعَهُ إِلَّا بِإِجَازَةٍ، اخْتَارَهُ فِي " الِانْتِصَارِ "؛ لِفَوَاتِ حَقِّهِ فِي الْمُعَيَّنِ، (وَإِنْ حَابَا وَارِثَهُ فَقَالَ الْقَاضِي: يَبْطُلُ فِي قَدْرِ مَا حَابَاهُ) ؛ لِأَنَّ الْمُحَابَاةَ كَالْوَصِيَّةِ، وَهِيَ لِوَارِثٍ بَاطِلَةٌ فَكَذَا الْمُحَابَاةُ، (وَتَصِحُّ فِيمَا عَدَاهُ) ؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ صِحَّةِ الْبَيْعِ الْمُحَابَاةُ، وَهِيَ هُنَا مَفْقُودَةٌ، فَعَلَى هَذَا لَوْ بَاعَ شَيْئًا بِنِصْفِ ثَمَنِهِ فَلَهُ نِصْفُهُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ لَهُ بِنِصْفِ الثَّمَنِ، فَبَطَلَ التَّصَرُّفُ فِيمَا تَبَرَّعَ بِهِ، وَعَنْهُ: يَبْطُلُ بَيْعُ الْكُلِّ، وَعَلَى الْأَوَّلِ مَحَلُّهُ بِدُونِ إِجَازَةِ الْوَارِثِ، وَتَعْتَبَرُ إِجَازَةُ الْمَجْنُونِ فِي مَرَضِهِ مِنْ ثُلُثِهِ، وَقَالَ ابْنُ حَمْدَانَ: إِنْ جُعِلَتْ عَطِيَّةً، وَإِلَّا فَمِنْ كُلِّهِ (وَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ؛ لِأَنَّ الصَّفْقَةَ تَبَعَّضَتْ فِي حَقِّهِ) ، فَشُرِعَ ذَلِكَ دَفْعًا لِلضَّرَرِ، فَإِنْ فَسَخَ وَطَلَبَ قَدْرَ الْمُحَابَاةِ، أَوْ طَلَبَ الْإِمْضَاءِ فِي الْكُلِّ وَتَكْمِيلِ حَقِّ الْوَرَثَةِ مِنَ الثَّمَنِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، وَعَنْهُ: يَصِحُّ فِي الْعَيْنِ كُلِّهَا وَيَرُدُّ الْمُشْتَرِي الْوَارِثَ تَمَامَ قِيمَتِهَا أَوْ يَفْسَخُ، (فَإِنْ كَانَ لَهُ شَفِيعٌ فَلَهُ أَخْذُهُ) ؛ لِأَنَّهَا تَجِبُ بِالْبَيْعِ الصَّحِيحِ وَقَدْ وُجِدَ، (فَإِنْ أَخَذَهُ فَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي) ؛ لِزَوَالِ الضَّرَرِ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ فَسَخَ الْمَبِيعَ رَجَعَ بِالثَّمَنِ، وَقَدْ حَصَلَ لَهُ الثَّمَنُ مِنَ الشَّفِيعِ.

فَرْعٌ: إِذَا آجَرَ نَفْسَهُ وَحَابَا الْمُسْتَأْجِرَ صَحَّ مَجَّانًا.

[بَاعَ الْمَرِيضُ أَجْنَبِيًّا وَحَابَاهُ]

(وَإِنْ بَاعَ الْمَرِيضُ أَجْنَبِيًّا وَحَابَاهُ) لَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ مِنْ صِحَّةِ الْعَقْدِ فِي قَوْلِ الْجُمْهُورِ؛ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ صَدَرَ مِنْ أَهْلِهِ فِي مَحَلِّهِ، فَصَحَّ، كَغَيْرِ الْمَرِيضِ، فَعَلَيْهِ لَوْ بَاعَ عَبْدًا لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُ قِيمَتُهُ ثَلَاثُونَ بِعَشْرَةٍ فَقَدْ حَابَا الْمُشْتَرِي بِثُلُثَيْ مَالِهِ، وَلَيْسَ لَهُ الْمُحَابَاةُ بِأَكْثَرَ مِنَ الثُّلُثِ، فَإِنْ أَجَازَ الْوَرَثَةُ ذَلِكَ لَزِمَ الْبَيْعُ، وَإِنْ رَدُّوا فَاخْتَارَ الْمُشْتَرِي فَسْخَ الْبَيْعِ فَلَهُ ذَلِكَ، وَإِنِ اخْتَارَ إِمْضَاءَهُ فَعَنْ أَحْمَدَ: يَأْخُذُ نِصْفَ الْمَبِيعِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ، وَيُفْسَخُ الْبَيْعُ فِي الْبَاقِي، وَصَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ، وَطَرِيقُهُ أَنْ يُسْقِطَ الثَّمَنَ - وَهُوَ عَشْرَةٌ - مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ وَهُوَ ثَلَاثُونَ، ثُمَّ يَأْخُذُ ثُلُثَ الْمَبِيعِ وَهُوَ عَشْرَةٌ فَيَنْسُبُهُ مِنَ الْبَاقِي وَهُوَ عِشْرُونَ، فَمَا خَرَجَ بِالنِّسْبَةِ صَحَّ الْبَيْعُ فِي مِقْدَارِ تِلْكَ النِّسْبَةِ، فَيَصِحُّ الْبَيْعُ فِي نِصْفِ الْمَبِيعِ بِنِصْفِ

<<  <  ج: ص:  >  >>