للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كِتَابُ الْوَصَايَا وَهِيَ الْأَمْرُ بِالتَّصَرُّفِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَالْوَصِيَّةُ بِالْمَالِ هِيَ التَّبَرُّعُ بِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ.

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

[كِتَابُ الْوَصَايَا] [تَعْرِيفُ الوصايا]

وَهِيَ جَمْعُ وَصِيَّةٍ كَالْعَطَايَا جَمْعِ عَطِيَّةٍ، وَالْعَرَايَا جَمْعِ عَرِيَّةٍ، فَالْوَصِيَّةُ فَعِيلَةٌ، وَالْيَاءُ السَّاكِنَةُ بَعْدَ الصَّادِ زَائِدَةٌ لِلْمَدِّ، وَالْيَاءُ الْمُتَحَرِّكَةُ بَعْدَهَا لَامُ الْكَلِمَةِ، وَأُدْغِمَتْ، وَالتَّاءُ لِلتَّأْنِيثِ، وَأَصْلُهُ وَصَائِي بِهَمْزَةٍ مَكْسُورَةٍ بَعْدَ الْمَدِّ، تَلِيهَا يَاءٌ مُتَحَرِّكَةٌ هِيَ لَامُ الْكَلِمَةِ، فُتِحَتْ هَذِهِ الْهَمْزَةُ الْعَارِضَةُ فِي الْجَمْعِ، وَقُلِبَتِ الْيَاءُ أَلِفًا لِتَحَرُّكِهَا وَانْفِتَاحِ مَا قَبْلَهَا، فَصَارَ وَصَاءَا، فَكَرِهُوا اجْتِمَاعَ أَلِفَيْنِ بَيْنَهُمَا هَمْزَةٌ، فَقَلَبُوهَا يَاءً، فَصَارَ وَصَايَا، وَلَوْ قِيلَ: إِنَّ وَزْنَهُ فَعَالَى، وَإِنَّ جَمْعَ الْمُعْتَلِّ خِلَافُ جَمْعِ الصَّحِيحِ، لَكَانَ حَسَنًا، وَهِيَ فِي الْأَصْلِ مَأْخُوذَةٌ مِنْ وَصَيْتُ الشَّيْءَ: إِذَا وَصَلْتُهُ، فَالْمُوصِي وَصَلَ مَا كَانَ لَهُ فِي حَيَاتِهِ بِمَا بَعْدَ مَوْتِهِ، وَالْإِجْمَاعُ عَلَى مَشْرُوعِيَّتِهَا، وَسَنَدُهُ قَوْله تَعَالَى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ} [البقرة: ١٨٠] ، وقَوْله تَعَالَى: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: ١٢] ؛ وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ شَيْءٌ يُوصِي بِهِ يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ، إِلَّا وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَ رَأْسِهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ مَرْفُوعًا «إِنَّ اللَّهَ تَصَدَّقَ عَلَيْكُمْ بِثُلُثِ أَمْوَالِكُمْ عِنْدَ وَفَاتِكُمْ زِيَادَةً فِي حَسَنَاتِكُمْ، لِيَجْعَلَهَا لَكُمْ زِيَادَةً فِي أَعْمَالِكُمْ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ.

(وَهِيَ الْأَمْرُ بِالتَّصَرُّفِ بَعْدَ الْمَوْتِ) فَهِيَ لُغَةً عِبَارَةٌ عَنِ الْأَمْرِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:

<<  <  ج: ص:  >  >>