للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَانَ الْمُجَازُ عَيْنًا، فَقَالَ: ظَنَنْتُ بَاقِيَ الْمَالِ كَثِيرًا، لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ فِي أَظْهَرِ الْوَجْهَيْنِ.

وَلَا يَثْبُتُ الْمِلْكُ لِلْمُوصَى لَهُ إِلَّا بِالْقَبُولِ بَعْدَ الْمَوْتِ، فَأَمَّا قَبُولُهُ وَرَدُّهُ قَبْلَ الْمَوْتِ،

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

بَيِّنَةٌ) تَشْهَدُ بِاعْتِرَافِهِ بِقَدْرِهِ، أَوْ يَكُونَ الْمَالُ ظَاهِرًا لَا يَخْفَى عَلَيْهِ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ إِذَا قُلْنَا: الْإِجَازَةُ تَنْفِيذٌ، وَإِنْ قُلْنَا: هِيَ هِبَةٌ، فَلَهُ الرُّجُوعُ فِيمَا يَجُوزُ الرُّجُوعُ فِي الْهِبَةِ فِي مِثْلِهِ، وَمِنَ الْأَصْحَابِ كَالْقَاضِي، وَالْمَجْدِ، بَنَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى أَنَّهُ يُعْتَبَرُ أَنْ يَكُونَ الْمَجَازُ مَعْلُومًا لِلْمُجِيزِ أَمْ لَا، فَذَكَرَ الْمَجْدُ: أَنَّهُ لَوْ أَجَازَ قَدْرًا مُسْتَوِيًا مِنَ الْمَالِ، ثُمَّ قَالَ: ظَنَنْتُ الْمَالَ قَلِيلًا، أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ، وَلَا تَنَافِيَ بَيْنَهُمَا لِوَجْهَيْنِ، أَحَدُهُمَا: أَنَّ صِحَّةَ إِجَازَةِ الْمَجْهُولِ لَا تُنَافِي ثُبُوتَ الرُّجُوعِ فِيهِ إِذَا تَبَيَّنَ فِيهِ ضَرَرٌ عَلَى الْمُجِيزِ، لَمْ يُعْلَمِ اسْتِدْرَاكًا لِظُلَامَتِهِ، كَمَا نَقُولُ فِيمَنْ أَسْقَطَ شُفْعَتَهُ لِمَعْنًى، ثُمَّ بَانَ بِخِلَافِهِ، فَإِنَّ لَهُ الْعَوْدَ إِلَيْهَا، فَكَذَلِكَ هُنَا إِذَا أَجَازَ الْجُزْءَ الْمُوصَى بِهِ يَظُنُّهُ قَلِيلًا فَبَانَ كَثِيرًا، فَلَهُ الرُّجُوعُ بِمَا زَادَ عَلَى ظَنِّهِ، وَالثَّانِي: أَنَّهُ إِذَا اعْتَقَدَ أَنَّ النِّصْفَ الْمُوصَى بِهِ مَثَلًا مِائَةٌ وَخَمْسُونَ دِرْهَمًا، ثُمَّ بَانَ أَلْفًا، فَهُوَ إِنَّمَا أَجَازَ خَمْسِينَ لَمْ يُجِزْ أَكْثَرَ مِنْهَا، فَلَا يَجُوزُ أَكْثَرُ مِنْهَا، فَلَا تَنْفُذُ إِجَازَتُهُ فِي غَيْرِهَا، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إِذَا جَازَ النِّصْفُ (وَإِنْ كَانَ الْمُجَازُ عَيْنًا) كَعَبْدٍ تَزِيدُ قِيمَتُهُ عَلَى الثُّلُثِ (فَقَالَ: ظَنَنْتُ بَاقِيَ الْمَالِ كَثِيرًا، لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ فِي أَظْهَرِ الْوَجْهَيْنِ) لِأَنَّ الْعَبْدَ مَعْلُومٌ، لَا جَهَالَةَ فِيهِ، وَالثَّانِي: أَنَّهُ يَمْلِكُ الْفَسْخَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَسْمَحُ بِذَلِكَ ظَنًّا مِنْهُ أَنَّهُ يَبْقَى لَهُ مِنَ الْمَالِ مَا يَكْفِيهِ، فَإِذَا بَانَ خِلَافُ ذَلِكَ لَحِقَهُ الضَّرَرُ فِي الْإِجَازَةِ، فَمَلَكَ الْفَسْخَ كَالْأُولَى، وَقِيلَ: يَصِحُّ وَجْهًا وَاحِدًا؛ لِأَنَّ الْمُجَازَ مَعْلُومٌ، وَكَذَا الْخِلَافُ فِيمَا إِذَا كَانَ الْمُجَازُ مَبْلَغًا مَعْلُومًا، فَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ قِيمَتُهُ سِتَّمِائَةٍ، فَيُجِيزُ الْوَصِيَّةَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمَالَ أَلْفٌ مَثَلًا، ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ سِتُّمِائَةٍ، فَيَدَّعِي أَنَّهُ إِنَّمَا أَجَازَ بِنَاءً عَلَى ذَلِكَ، فَعَلَى الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ جَمِيعُ الْعَبْدِ لِلْمُوصَى لَهُ، وَعَلَى الثَّانِي: ثُلُثَا الْعَبْدِ وَتُسْعُهُ؛ لِأَنَّ لَهُ ثُلُثَ الْمَالِ بِالْأَصْلِ، وَهُوَ أَرْبَعُمِائَةٍ، وَقَدْ أَجَازَ لَهُ سِتَّةً وَسِتِّينَ وَثُلُثَيْنِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ مَا بَيْنَ الْأَلْفِ وَسِتِّمِائَةٍ الْمَظْنُونَةِ قِيمَةَ الْعَبْدِ. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: فَإِنْ قَالَ: ظَنَنْتُ أَنَّ قِيمَتَهُ أَلْفٌ، فَبَانَ أَكْثَرَ، قُبِلَ، وَلَيْسَ نَقْضًا لِصِحَّةِ الْإِجَازَةِ بِبَيِّنَةٍ، أَوْ إِقْرَارٍ، قَالَ: وَإِنْ أَجَازَ، وَقَالَ: أَرَدْتُ أَصْلَ الْوَصِيَّةِ، قُبِلَ.

[لَا يَثْبُتُ الْمِلْكُ لِلْمُوصَى لَهُ إِلَّا بِالْقَبُولِ بَعْدَ الْمَوْتِ]

(وَلَا يَثْبُتُ الْمِلْكُ لِلْمُوصَى لَهُ إِلَّا بِالْقَبُولِ بَعْدَ الْمَوْتِ) أَيْ: إِذَا كَانَتْ لِمُعَيَّنٍ يُمْكِنُ الْقَبُولُ مِنْهُ فِي قَوْلِ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ؛ لِأَنَّهُ تَمْلِيكُ مَالٍ فَاعْتُبِرَ قَبُولُهُ كَالْهِبَةِ، قَالَ أَحْمَدُ: الْهِبَةُ وَالْوَصِيَّةُ وَاحِدَةٌ، وَلَا يَتَعَيَّنُ الْقَبُولُ بِاللَّفْظِ، بَلْ يَحْصُلُ بِهِ وَبِمَا قَامَ مَقَامَهُ كَالْهِبَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>