للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ وَيَجُوزُ الرُّجُوعُ فِي الْوَصِيَّةِ، فَإِذَا قَالَ: قَدْ رَجَعْتُ فِي وَصِيَّتِي، أَوْ أَبْطَلْتُهَا، وَنَحْوَ ذَلِكَ، بَطَلَتْ، فَإِنْ قَالَ فِي الْمُوصَى بِهِ: هَذَا لِوَرَثَتِي أَوْ مَا أَوْصَيْتُ بِهِ لِفُلَانٍ كَانَ رُجُوعًا، وَإِنْ وَصَّى بِهِ لِآخَرَ، وَلَمْ يَقُلْ ذَلِكَ، فَهُوَ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ بَاعَهُ أَوْ وَهَبَهُ أَوْ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

وَمِنْهَا: لَوْ نَقَصَ الْمُوصَى بِهِ فِي سِعْرٍ، أَوْ صِفَةٍ، فَذَكَرَ جَمَاعَةٌ أَنَّهُ يَقُومُ بِسِعْرِهِ وَقْتَ الْمَوْتِ، وَفِي الْمُحَرَّرِ إِنْ قُلْنَا: يَمْلِكُهُ بِالْمَوْتِ، اعْتُبِرَتْ قِيمَتُهُ مِنَ التَّرِكَةِ بِسِعْرِهِ يَوْمَ الْمَوْتِ عَلَى أَدْنَى صِفَاتِهِ مِنْ يَوْمِ الْمَوْتِ إِلَى الْقَبُولِ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ حَصَلَتْ فِي مِلْكِهِ، فَلَا تُحْسَبُ عَلَيْهِ، وَالنَّقْصُ لَمْ يَدْخُلْ فِي ضَمَانِهِ، وَإِنْ قُلْنَا: يَمْلِكُهُ مِنْ حِينِ الْقَبُولِ، اعْتُبِرَتْ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْقَبُولِ سِعْرًا وَصِفَةً؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْهُ قَبْلَ ذَلِكَ، وَذَكَرَ الْخِرَقِيُّ، وَنَصَّ عَلَيْهِ: أَنَّهُ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْوَصِيَّةِ، وَلَمْ يَحْكِ فِي الْمُغْنِي خِلَافًا، فَظَاهِرُهُ: أَنَّهُ يُعْتَبَرُ سِعْرُهُ بِيَوْمِ الْمَوْتِ عَلَى الْوُجُوهِ كُلِّهَا؛ لِأَنَّ حَقَّهُ تَعَلَّقَ بِالْمُوصَى بِهِ تَعَلُّقًا قَطَعَ تَصَرُّفَ الْوَرَثَةِ فِيهِ فَيَكُونُ ضَمَانُهُ عَلَيْهِ كَالْعَبْدِ الْجَانِي.

[جَوَازُ الرُّجُوعِ فِي الْوَصِيَّةِ]

فصل

(وَيَجُوزُ الرُّجُوعُ فِي الْوَصِيَّةِ) لِقَوْلِ عُمَرَ: يُغَيِّرُ الرَّجُلُ مَا شَاءَ فِي وَصِيَّتِهِ، وَهُوَ اتِّفَاقٌ فِي غَيْرِ الْوَصِيَّةِ بِالْعِتْقِ، وَلِأَنَّهَا عَطِيَّةٌ تَتَنَجَّزُ بِالْمَوْتِ، فَجَازَ لَهُ الرُّجُوعُ عَنْهَا قَبْلَ تَنْجِيزِهَا، كَهِبَةِ مَا يَفْتَقِرُ إِلَى الْقَبْضِ قَبْلَ قَبْضِهِ. وَقَالَ الشَّعْبِيُّ وَغَيْرُهُ: يُغَيِّرُ مَا شَاءَ مِنْهَا إِلَّا الْعِتْقَ؛ لِأَنَّهُ إِعْتَاقٌ بَعْدَ الْمَوْتِ، فَلَمْ يَمْلِكْ تَغْيِيرَهُ كَالتَّدْبِيرِ. وَجَوَابُهُ بِالْمَنْعِ، وَلَوْ سَلِمَ، فَالْوَصِيَّةُ تُفَارِقُ التَّدْبِيرَ، فَإِنَّهُ تَعْلِيقٌ عَلَى شَرْطٍ، فَلَمْ يَمْلِكْ تَغْيِيرَهُ كَتَعْلِيقِهِ عَلَى صِفَةٍ فِي الْحَيَاةِ (فَإِذَا قَالَ: قَدْ رَجَعْتُ فِي وَصِيَّتِي، أَوْ أَبْطَلْتُهَا، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ) كَغَيَّرْتُهَا، أَوْ فَسَخْتُهَا (بَطَلَتْ) لِأَنَّهُ صَرِيحٌ فِي الرُّجُوعِ (فَإِنْ قَالَ فِي الْمُوصَى بِهِ: هَذَا لِوَرَثَتِي) لِأَنَّ ذَلِكَ يُنَافِي كَوْنَهُ وَصِيَّةً (أَوْ) قَالَ: (مَا أَوْصَيْتُ بِهِ لِفُلَانٍ كَانَ رُجُوعًا) بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ لِرُجُوعِهِ عَنِ الْأَوَّلِ وَصَرْفِهِ إِلَى الثَّانِي أَشْبَهَ مَا لَوْ صَرَّحَ بِالرُّجُوعِ (وَإِنْ وَصَّى بِهِ لِآخَرَ، وَلَمْ يَقُلْ ذَلِكَ، فَهُوَ بَيْنَهُمَا) فِي قَوْلِ الْجُمْهُورِ؛ لِتَعَلُّقِ حَقِّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى السَّوَاءِ، فَوَجَبَ أَنْ يَشْتَرِكَا فِيهِ، كَمَا لَوْ قَالَ: هُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>