للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ

فِي جَرِّ الْوَلَاءِ كُلُّ مَنْ بَاشَرَ الْعِتْقَ أَوْ عَتَقَ عَلَيْهِ، لَا يَنْتَقِلُ عَنْهُ بِحَالٍ، فَأَمَّا إِنْ تَزَوَّجَ الْعَبْدُ مُعْتَقَةً، فَأَوْلَدَهَا، فَوَلَاءُ وَلَدِهَا لِمَوَالِي أُمِّهِ، فَإِنْ أَعْتَقَ الْعَبْدَ سَيِّدُهُ، انْجَرَّ وَلَاءُ وَلَدِهِ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

مِنَ الْعَصَبَةِ، وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْأَكْثَرِينَ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَجْعَلُهُ مِنْهَا كَالرِّوَايَةِ الْأُخْرَى، يَقُولُ: الْوَلَاءُ لَهُ، وَالْعَقْلُ عَلَيْهِ، فَإِنْ بَادَ بَنَوْهَا، فَوَلَاؤُهُ لِعَصَبَتِهَا، وَنَقَلَ عَنْهُ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ: وَلَاؤُهُ لِعَصَبَةِ بَنِيهَا، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِلْوَلَاءِ يُورَثُ، ثُمَّ لِعَصَبَةِ بِنْتِهَا، وَقِيلَ: لِبَيْتِ الْمَالِ، وَلَمْ يُفَرِّقِ الْخِرَقِيُّ وَابْنُ حَمْدَانَ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ، وَالْأَكْثَرُ كَالْمَتْنِ، قَالَ فِي الشَّرْحِ: أَمَّا الرَّجُلُ الْمُعْتِقُ، فَإِنَّهُ يَعْقِلُ عَنْ مُعْتَقَهِ؛ لِأَنَّهُ عَصَبَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعَقْلِ، وَيَعْقِلُ ابْنُهُ وَأَبُوهُ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ عَصَبَاتِهِ وَعَشِيرَتِهِ، فَلَا يَلْحَقُ ابْنَهُ مِنْ نَفْيِ الْعَقْلِ بِابْنِ الْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَعْقِلُ ابْنَهَا.

[فَصْلٌ فِي جَرِّ الْوَلَاءِ]

فَصْلٌ

فِي جَرِّ الْوَلَاءِ (كُلُّ مَنْ بَاشَرَ الْعِتْقَ أَوْ عَتَقَ عَلَيْهِ) لِسَبَبٍ مِنَ الْأَسْبَابِ (لَا يَنْتَقِلُ عَنْهُ بِحَالٍ) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» ، وَلِأَنَّ غَيْرَهُ لَيْسَ مِثْلَهُ فِي النِّعْمَةِ، وَلِأَنَّ مُقْتَضَى الدَّلِيلِ أَنْ لَا يَنْتَقِلَ حَقٌّ عَنْ مُسْتَحَقِّهِ، خُولِفَ فِيمَنِ اشْتَرَى أَبَا مَنْ عَلَيْهِ الْوَلَاءُ تَبَعًا لِأُمِّهِمْ، فَيَبْقَى مَا عَدَاهُ عَلَى مُقْتَضَى الْأَصْلِ (فَأَمَّا إِنْ تَزَوَّجَ الْعَبْدُ مُعْتَقَةً فَأَوْلَدَهَا) فَوَلَدُهُ مِنْهَا أَحْرَارٌ (فَوَلَاءُ وَلَدِهَا لِمَوَالِي أُمِّهِ) لِأَنَّهُمْ سَبَبُ الْإِنْعَامِ عَلَى الْوَلَدِ؛ لِكَوْنِهِ انْعَتَقَ بِعِتْقِ أُمِّهِ (فَإِنْ أَعْتَقَ الْعَبْدَ سَيِّدُهُ، انْجَرَّ وَلَاءُ وَلَدِهِ إِلَيْهِ) أَيْ: إِلَى مُعْتِقِ الْعَبْدِ، فِي قَوْلِ الْجُمْهُورِ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَمَنْ بَعْدَهُمْ، لِمَا رَوَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَنِ الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ لَمَّا قَدِمَ خَيْبَرَ رَأَى فِتْيَةً لُعْسًا، فَأَعْجَبَهُ ظُرْفُهُمْ وَجَمَالُهُمْ، فَسَأَلَ عَنْهُمْ، فَقِيلَ: مَوَالِي رَافِعِ بْنِ خُدَيْجٍ، وَأَبُوهُمْ مَمْلُوكٌ لِآلِ الْحُرَقَةِ، فَاشْتَرَى الزُّبَيْرُ أَبَاهُمْ، فَأَعْتَقَهُ، وَقَالَ لِأَوْلَادِهِ: انْتَسِبُوا إِلَيَّ، فَإِنَّ وَلَاءَكُمْ لِي، فَقَالَ رَافِعٌ: بَلْ هُوَ لِي، فَإِنَّهُمْ عَتَقُوا بِعِتْقِ أُمِّهِمْ، فَاحْتَكَمُوا إِلَى عُثْمَانَ، فَقَضَى بِالْوَلَاءِ لِلزُّبَيْرِ، وَأَجْمَعَتْ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ، وَلِأَنَّ الْأَبَ لَمَّا كَانَ مَمْلُوكًا لَمْ يَصْلُحْ

<<  <  ج: ص:  >  >>