للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلسَّفَهِ، وَيَمْلِكُ السَّيِّدُ أَخْذَ مَا فِي يَدِهِ، وَإِنْ فَضَلَ عَنِ الْأَدَاءِ فَضْلٌ فَهُوَ لِسَيِّدِهِ، وَهَلْ يَتْبَعُ الْمُكَاتَبَةَ وَلَدُهَا فِيهَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا تَنْفَسِخُ بِالْمَوْتِ، وَلَا الْجُنُونِ، وَلَا الْحَجْرِ، وَيَعْتِقُ بِالْأَدَاءِ إِلَى الْوَارِثِ.

بَابٌ أَحْكَامُ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ وَإِذَا عَلِقَتْ مِنْ سَيِّدِهَا فَوَضَعَتْ مَا تَبَيَّنَ فِيهِ بَعْضُ خَلْقِ إِنْسَانٍ، صَارَتْ بِذَلِكَ أُمَّ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

بِالْإِبْرَاءِ) لِأَنَّ الْمَالَ غَيْرُ ثَابِتٍ فِي الْعَقْدِ بِخِلَافِ الصَّحِيحَةِ، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَسْخُهَا، سَوَاءٌ كَانَ ثَمَّ صِفَةٌ أَوْ لَا، وَأَنَّ السَّيِّدَ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُؤَدِّيَ إِلَيْهِ شَيْئًا مِنَ الْكِتَابَةِ (وَتَنْفَسِخُ بِمَوْتِ السَّيِّدِ) لِأَنَّ الْفَاسِدَةَ عَقْدٌ جَائِزٌ، لَا يَئُولُ إِلَى اللُّزُومِ، فَانْفَسَخَتْ بِذَلِكَ كَالْوَكَالَةِ (وَجُنُونِهِ وَالْحَجْرِ لِلسَّفَهِ) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ فِيهَا الْمُعَاوَضَةُ، وَالصِّفَةُ مَبْنِيَّةٌ عَلَيْهَا بِخِلَافِ الصِّفَةِ الْمُجَرَّدَةِ، قَالَ الْمُؤَلِّفُ: وَالْأَوْلَى أَنَّهَا لَا تَبْطُلُ هُنَا ; لِأَنَّ الصِّفَةَ الْمُجَرَّدَةَ لَا تَبْطُلُ بِذَلِكَ، وَلِيَغْلِبَ فِي هَذِهِ الْكِتَابَةِ حُكْمُ الصِّفَةِ الْمُجَرَّدَةِ (وَيَمْلِكُ السَّيِّدُ أَخْذَ مَا فِي يَدِهِ) لِأَنَّهُ مِلْكُهُ وَمَالُهُ (وَإِنْ فَضَلَ عَنْ الْأَدَاءِ فَضْلٌ فَهُوَ لِسَيِّدِهِ) قَالَهُ أَبُو الْخَطَّابِ ; لِأَنَّهُ عَتَقَ بِالصِّفَةِ لَا بِالْمُعَاوَضَةِ، وَقَالَ القاضي وتبعه فِي الْمُغْنِي: مَا فَضَلَ فِي يَدِهِ بَعْدَ الْأَدَاءِ، فَهُوَ لَهُ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ (وَهَلْ يَتْبَعُ الْمُكَاتَبَةَ وَلَدُهَا فِيهَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ) أَحَدُهُمَا، وَهُوَ أَقَيْسُ وَأَصَحُّ: لَا يَتْبَعُهَا ; لِأَنَّهُ إِنْمَا تَبِعَ فِي الصَّحِيحَةِ بِحُكْمِ الْعَقْدِ، وَهُوَ مَفْقُودٌ هُنَا، وَالثَّانِي: يَتْبَعُ كَالصَّحِيحَةِ، وَرَجَّحَهُ بَعْضُهُمْ، وَكَذَا الْخِلَافُ فِي وُجُوبِ الْإِيتَاءِ فِيهِ، وَكَذَا جَعَلَ مَنْ أَوْلَدَهَا أُمَّ وَلَدِهِ، وَفِيهِ وَجْهٌ فِي الصِّحَّةِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي (وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا تَنْفَسِخُ بِالْمَوْتِ، وَلَا الْجُنُونِ، وَلَا الْحَجْرِ) لِأَنَّ الْفَاسِدَةَ كَالصَّحِيحَةِ فِي وُقُوعِ الْعِتْقِ، وَفِي تَبَعِيَّةِ الْوَلَدِ وَذَوِي رَحِمِهِ، فَكَذَلِكَ فِي الْفَسْخِ، وَلِأَنَّ الشَّارِعَ مُتَشَوِّفٌ إِلَى الْعِتْقِ، وَمَا ذُكِرَ وَسِيلَةٌ إِلَيْهِ، فَوَجَبَ الْحُكْمُ بِهِ تَحْصِيلًا لِلْمَطْلُوبِ الشَّرْعِيِّ (وَيَعْتِقُ بِالْأَدَاءِ إِلَى الْوَارِثِ) عَلَى قَوْلِهِ لِكَوْنِهَا لَا تَنْفَسِخُ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ إِلَى الْعِتْقِ، وَلِأَنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَ مُورِثِهِ.

[بَابُ أَحْكَامِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ]

بَابٌ

أَحْكَامُ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ

الْأَحْكَامُ جَمْعُ حُكْمٍ، وَهُوَ فِي اللُّغَةِ: الْقَضَاءُ وَالْحِكْمَةُ، وَفِي الِاصْطِلَاحِ: خِطَابُ

<<  <  ج: ص:  >  >>