للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَفْسِهِ مُوَاقَعَةَ الْمَحْظُورِ بِتَرْكِهِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ. وَعَنْهُ: أَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَى الْإِطْلَاقِ.

وَيُسْتَحَبُّ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

لِمَا تَقَدَّمَ عَنْ ثَعْلَبٍ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ النَّقْلِ، قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: وَتَحْرِيمُ مَنْ عَقَدَ عَلَيْهَا الْأَبُ اسْتَنْفَدْنَاهُ بِالْإِجْمَاعِ، وَالْأَشْهَرُ أَنَّهُ مُشْتَرَكٌ، قَالَهُ فِي " الْوَسِيلَةِ "، و" الْفُرُوعِ "، وَقِيلَ: حَقِيقَةٌ فِيهِمَا، اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ، ثُمَّ قَالَ الْمُؤَلِّفُ: وَالصَّحِيحُ مَا قُلْنَا ; لِأَنَّ الْأَشْهَرَ اسْتِعْمَالُ لَفْظَةِ النِّكَاحِ بِإِزَاءِ الْعَقْدِ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَلِسَانِ أَهْلِ الْعَرَبِ، وَالِاشْتِرَاكُ خِلَافُ الْأَصْلِ، وَلَوْ قُدِّمَ كَوْنُهُ مَجَازًا فِي الْعَقْدِ لَكَانَ اسْمًا عُرْفِيًّا، يَجِبُ صَرْفُ اللَّفْظِ إِلَيْهِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، وَنَصَّ الْقَاضِي أَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِيهِمَا ; لِقَوْلِنَا بِتَحْرِيمِ مَوْطُوءَةِ الْأَبِ مِنْ غَيْرِ تَزْوِيجٍ ; لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: ٢٢] وَذَلِكَ لِوُرُودِهِمَا فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَالْمَعْقُودِ عَلَيْهِ الْمَنْفَعَةُ كَالْإِجَارَةِ، وَهُوَ مَشْرُوعٌ بِالْإِجْمَاعِ، وَسَنَدُهُ قَوْله تَعَالَى {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: ٣] {وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى} [النور: ٣٢] وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ، فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْأَدِلَّةِ.

[حُكْمُ النِّكَاحِ]

(النِّكَاحُ سُنَّةٌ) وَهُوَ مَنْ لَهُ شَهْوَةٌ وَلَا يَخَافُ الزِّنَا ; لِأَنَّ فِعْلَهُ رَاجِحٌ عَلَى تَرْكِهِ ; لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَلَّقَهُ بِالِاسْتِطَاعَةِ، وَالْوَاجِبُ لَا يُعَلَّقُ عَلَيْهَا (وَالِاشْتِغَالُ بِهِ أَفْضَلُ مِنَ التَّخَلِّي لِنَوَافِلِ الْعِبَادَةِ) كَصَوْمٍ وَصَلَاةٍ، وَنَحْوِهِمَا (إِلَّا أَنْ يَخَافَ عَلَى نَفْسِهِ مُوَاقَعَةَ الْمَحْظُورِ) أَيِ: الزِّنَا (بِتَرْكِهِ، فَيَجِبُ عَلَيْهِ) فِي قَوْلِ عَامَّةِ الْفُقَهَاءِ، وَيُقْدِمُ عَلَى حَجٍّ وَاجِبٍ، نَصَّ عَلَيْهِ، قَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ: اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ مَنْ تَاقَتْ نَفْسُهُ إِلَيْهِ، وَخَافَ الْعَنَتَ، فَإِنَّهُ يَتَأَكَّدُ فِي حَقِّهِ، وَيَكُونُ أَفْضَلَ لَهُ مِنَ الْحَجِّ، وَالْجِهَادِ وَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ الْمُتَطَوِّعِ بِهَا، وَزَادَ أَحْمَدُ، فَبَلَغَ بِهِ إِلَى الْوُجُوبِ مَعَ الشَّرْطَيْنِ، وَهُمَا: أَنْ تَتُوقَ نَفْسُهُ، وَيَخَافَ الْعَنَتَ رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ (وَعَنْهُ: إِنَّهُ وَاجِبٌ عَلَى الْإِطْلَاقِ) اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو حَفْصٍ لِظَاهِرِ النُّصُوصِ، وَمُرَادُهُمْ إِذَا كَانَ ذَا شَهْوَةٍ.

الثَّالِثُ: مَنْ لَهُ شَهْوَةٌ، وَلَمْ تَتُقْ نَفْسُهُ إِلَيْهِ، فَيُسْتَحَبُّ لَهُ التَّزْوِيجُ، وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>