للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَخَيُّرُ ذَاتِ الدِّينِ الْوَلُودِ الْبِكْرِ الْحَسِيبَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ.

وَيَجُوزُ لِمَنْ أَرَادَ خِطْبَةَ امْرَأَةٍ النَّظَرُ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

نَوَافِلِ الطَّاعَاتِ، قَالَ أَحْمَدُ: مَنْ دَعَاكَ إِلَى غَيْرِ التَّزْوِيجِ، فَقَدْ دَعَاكَ إِلَى غَيْرِ الْإِسْلَامِ، وَلَيْسَتِ الْعُزْبَةُ مَنْ أَمْرِ الْإِسْلَامِ فِي شَيْءٍ.

الرَّابِعُ: مَنْ لَا شَهْوَةَ لَهُ، وَهُوَ مَنْ لَمْ تَتُقْ نَفْسُهُ إِلَيْهِ، خِلْقَةً أَوْ لِكِبَرٍ وَنَحْوِهِ، فَمُبَاحٌ لَهُ فِي الْأَشْهَرِ ; لِأَنَّهُ لَا يَحْصُلُ فِيهِ مَصْلَحَةُ النِّكَاحِ، وَيُلْزِمُ نَفْسَهُ وَاجِبَاتٍ وَحُقُوقًا لَعَلَّهُ يَعْجِزُ عَنْهَا. وَعَنْهُ: يُسْتَحَبُّ، قَالَ السَّامَرِّيُّ: اخْتَارَهَا الْقَاضِي ; لِدُخُولِهِ فِي عُمُومِ الْأَخْبَارِ، وَقِيلَ: يُكْرَهُ، وَحُكِيَ عَنْهُ: يَلْزَمُ، وَهُوَ وَجْهٌ فِي " التَّرْغِيبِ " و" الْمَنْصُوصِ "، حَتَّى لِفَقِيرٍ، وَجَزَمَ فِي " النَّظْمِ ": لَا يَتَزَوَّجُ فَقِيرٌ إِلَّا لِضَرُورَةٍ، وَكَذَا قَيَّدَهَا ابْنُ رَزِينٍ بِالْمُوسِرِ، وَنَقَلَ صَالِحٌ: يَقْتَرِضُ وَيَتَزَوَّجُ. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: فِيهِ نِزَاعٌ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ، وَذَكَرَ أَبُو الْفَتْحِ بْنُ الْمَنِّيِّ: أَنَّ النِّكَاحَ فَرْضُ كِفَايَةٍ، وَالِاشْتِغَالَ بِهِ أَوْلَى كَالْجِهَادِ، وَكَانَ الْقِيَاسُ يَقْتَضِي وُجُوبَهُ عَلَى الْأَعْيَانِ، تَرَكْنَاهُ لِلْحَرَجِ وَالْمَشَقَّةِ، وَمَعَ أَنَّهُ لَيْسَ بِعِبَادَةٍ ; لِأَنَّهُ يُتَلَقَّى مِنَ الشَّارِعِ، وَإِنَّمَا صَحَّ مِنَ الْكَافِرِ لِمَا فِيهِ مِنْ عِمَارَةِ الدُّنْيَا، كَعِمَارَةِ الْمَسَاجِدِ، وَفِي " الْوَاضِحِ ": إِذَا قُلْنَا بِوُجُوبِهِ، هَلْ يَجِبُ الْوَطْءُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ، وَالْأَشْهَرُ لَا يُكْتَفَى بِمَرَّةٍ، وَفِي الْمَذْهَبِ وَغَيْرِهِ: بَلَى لِرَجُلٍ وَامْرَأَةٍ، نَقَلَ ابْنُ الْحَكَمِ: الْمُتَبَتِّلُ الَّذِي لَمْ يَتَزَوَّجْ قَطُّ، قَالَ أَبُو الْحُسَيْنِ: وَفِي الِاكْتِفَاءِ بِتَسَرٍّ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: أَنَّهُ يُجْزِئُ عَنْهُ، وَلَا يُلْزَمُ نِكَاحَ أَمَةٍ، وَقَالَ الْقَاضِي، وَجَمَعَ: يُبَاحُ، وَالصَّبْرُ عَنْهُ أَوْلَى. وَأَوْجَبَهُ أَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ، وَالْمُخَالِفُ اسْتَحَبَّهُ ; فَلِهَذَا جَوَابُهُ عَنِ الْآيَةِ: مَا لَمْ يَقُلْ بِهِ صَارَ كَالْمَسْكُوتِ عَنْهُ.

فَرْعٌ: لَهُ النِّكَاحُ بِدَارِ حَرْبٍ ضَرُورَةً، وَبِدُونِهَا وَجْهَانِ، وَكَرِهَهُ أَحْمَدُ، وَقَالَ: لَا يَتَزَوَّجُ وَلَا يَتَسَرَّى، إِلَّا أَنْ يَخَافَ عَلَى نَفْسِهِ، وَقَالَ: لَا يَطْلُبُ الْوَلَدَ، وَيَجِبُ عَزْلُهُ إِنْ حَرُمَ نِكَاحُهُ بِلَا ضَرُورَةٍ، وَإِلَّا اسْتُحِبَّ ذَكَرَهُ فِي " الْفُصُولِ ".

[مَا يُسْتَحَبُّ فِي الزَّوْجَةِ]

(وَيُسْتَحَبُّ تَخَيُّرُ ذَاتِ الدِّينِ الْوَلُودِ الْبِكْرِ الْحَسِيبَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ) ; لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا، وَجِمَالِهَا، وَحَسَبِهَا، وَدِينِهَا، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ، تَرِبَتْ يَدَاكَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَدَلِيلُ الْأَوْصَافِ، قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «تَزَوَّجُوا الْوَلُودَ؛ فَإِنِّي

<<  <  ج: ص:  >  >>