للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دَامَا فِي الْمَجْلِسِ، وَلَمْ يَتَشَاغَلَا بِمَا يَقْطَعُهُ، وَإِنْ تَفَرَّقَا قَبْلَهُ، بَطَلَ الْإِيجَابُ، وَعَنْهُ: لَا يَبْطُلُ.

فَصْلٌ وَشُرُوطُهُ خَمْسَةٌ، أَحَدُهَا: تَعْيِينُ الزَّوْجَيْنِ، فَإِنْ قَالَ: زَوَّجْتُكَ ابْنَتِي وَلَهُ بَنَاتٌ،

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

ابْنَتَكَ، فَيَقُولُ: زَوَّجْتُكَ، أَوْ بِلَفْظِ الطَّلَبِ: زَوِّجْنِي ابْنَتَكَ، فَيَقُولُ زَوَّجْتُكَهَا ; لِأَنَّ الْقَبُولَ إِنَّمَا يَكُونُ لِلْإِيجَابِ، فَإِذَا وُجِدَ قَبْلَهُ لَمْ يَكُنْ قَبُولًا ; لِعَدَمِ مَعْنَاهُ، وَكَمَا لَوْ تَقَدَّمَ بِلَفْظِ الِاسْتِفْهَامِ، وَفِيهِ احْتِمَالٌ ; لِأَنَّهُ وَجَدَ الْإِيجَابَ وَالْقَبُولَ فِيهِ، فَصَحَّ كَمَا لَوْ تَقَدَّمَ الْإِيجَابُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْعِ، أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ هَذِهِ الصِّيغَةُ، وَأَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ فِيهِ هَذَا اللَّفْظُ، بَلْ يَصِحُّ بِأَيِّ لَفْظٍ أَدَّى الْمَعْنَى، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْخُلْعِ وَالنِّكَاحِ، أَنَّ الْخُلْعَ يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ عَلَى شَرْطٍ، بِخِلَافِ النِّكَاحِ (وَإِنْ تَرَاخَى) الْقَبُولُ (عَنْهُ) أَيْ: عَنِ الْإِيجَابِ (صَحَّ مَا دَامَا فِي الْمَجْلِسِ وَلَمْ يَتَشَاغَلَا بِمَا يَقْطَعُهُ) ; لِأَنَّ حُكْمَ الْمَجْلِسِ حُكْمُ حَالَةِ الْعَقْدِ ; بِدَلِيلِ صِحَّةِ الْعَقْدِ فِيمَا يُشْتَرَطُ الْقَبْضُ فِيهِ، وَثُبُوتُ الْخِيَارِ فِي عُقُودِ الْمُعَاوَضَاتِ ; وَلِأَنَّهُ مَعَ التَّشَاغُلِ يُعَدُّ كَالْمُعْرِضِ عَنِ الْإِيجَابِ، فَلَمْ يَصِحَّ بَعْدَهُ كَمَا لَوْ رَدَّهُ، (وَإِنْ تَفَرَّقَا قَبْلَهُ) أَيْ: قَبْلَ الْقَبُولِ (بَطَلَ الْإِيجَابُ) ; لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مَعْنَاهُ، فَإِنَّ الْإِعْرَاضَ قَدْ وُجِدَ مِنْ جِهَتِهِ بِالتَّفَرُّقِ (وَعَنْهُ: لَا يَبْطُلُ) نَقَلَهَا أَبُو طَالِبٍ، وَاخْتَارَهَا أَبُو بَكْرٍ، فَعَلَيْهَا لَا بُدَّ أَنْ يَقْبَلَ فِي الْمَجْلِسِ، وَأَصْلُ هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ قِيلَ لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ: إِنَّ رَجُلًا مَضَى إِلَيْهِ قَوْمٌ، فَقَالُوا لَهُ: زَوِّجْ فُلَانًا، قَالَ: زَوَّجْتُهُ عَلَى أَلْفٍ، فَرَجَعُوا إِلَى الزَّوْجِ، فَأَخْبَرُوهُ، فَقَالَ: قَدْ قَبِلْتُ - يَكُونُ هَذَا نِكَاحًا وَيَتَوَارَثَانِ؛ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ الْقَاضِي: هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ وَكَّلَ مَنْ قَبِلَ الْعَقْدَ - وَفِيهِ نَظَرٌ.

[الشَّرْطُ الْأَوَّلُ تَعْيِينُ الزَّوْجَيْنِ]

فَصْلٌ (وَشُرُوطُهُ خَمْسَةٌ، أَحَدُهَا: تَعْيِينُ الزَّوْجَيْنِ) ; لِأَنَّ كُلَّ عَاقِدٍ وَمَعْقُودٍ عَلَيْهِ يَتَعَيَّنُ بِتَعْيِينِهِمَا، كَالْمُشْتَرِي وَالْمَبِيعِ ; وَلِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ، فَلَمْ يَصِحَّ بِدُونِ التَّعْيِينِ كَالْبَيْعِ.

تَنْبِيهٌ: الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ الْمَنْفَعَةُ كَالْإِجَارَةِ لَا فِي حُكْمِ الْمُعَيَّنِ، وَفِيهِ قَالَ أَبُو الْوَفَاءِ مَا ذَكَرُوهُ أَنَّ الْأَعْيَانَ مَمْلُوكَةٌ، لِأَجْلِهَا يُحْتَمَلُ الْمَنْعُ ; لِأَنَّ الْأَعْيَانَ لِلَّهِ وَإِنَّمَا يَمْلِكُ التَّصَرُّفَاتِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>