للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ الْخَامِسُ: كَوْنُ الْمَرْءِ كفؤا لَهَا فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، فَلَوْ رَضِيَتِ الْمَرْأَةُ وَالْأَوْلِيَاءُ بِغَيْرِهِ، لَمْ يَصِحَّ، وَالثَّانِيَةُ: لَيْسَ بِشَرْطٍ، وَهِيَ أَصَحُّ، لَكِنْ إِنْ لَمْ تَرْضَ الْمَرْأَةُ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

[الشَّرْطُ الْخَامِسُ كَوْنُ الرَّجُلِ كُفْءً لَهَا]

فَصْلٌ.

(الْخَامِسُ: كَوْنُ الرَّجُلِ كفؤا لَهَا فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ) هِيَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَالْمَشْهُورَةُ عِنْدَ عَامَّةِ الْأَصْحَابِ ; لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ، إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَرُوِيَ مُرْسَلًا، قِيلَ: هُوَ أَصَحُّ، وَقَالَ عُمَرُ: لَأَمْنَعَنَّ تَزْوِيجَ ذَوَاتِ الْأَحْسَابِ إِلَّا مِنَ الْأَكْفَاءِ. رَوَاهُ الْخَلَّالُ وَالدَّارَقُطْنِيُّ، وَرَوَاهُ جَابِرٌ مَرْفُوعًا: «لَا يَنْكِحُ النِّسَاءَ إِلَّا الْأَكْفَاءُ» ضَعَّفَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، وَقَالَ سَلْمَانُ لِجَرِيرٍ: إِنَّكُمْ مَعْشَرَ الْعَرَبِ لَا نَتَقَدَّمُ فِي صَلَاتِكُمْ، وَلَا نَنْكِحُ نِسَاءَكُمْ ; لِأَنَّ اللَّهَ فَضَّلَكُمْ عَلَيْنَا بِمُحَمَّدٍ. رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ، وَاحْتَجَّ بِهِمَا أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ ; وَلِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي حَقِّ مَنْ يَأْتِي مِنَ الْأَوْلِيَاءِ، فَلَمْ يَصِحَّ كَمَا لَوْ زُوِّجَتْ بِغَيْرِ إِذْنِهَا، فَإِنْ عُدِمَ حَالَ الْعَقْدِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ، وَإِنْ وُجِدَتْ حَالَ الْعَقْدِ ثُمَّ عُدِمَتْ بَعْدَهُ لَمْ يَبْطُلِ النِّكَاحُ، وَلِلْمَرْأَةِ الْفَسْخُ كَعِتْقِهَا تَحْتَ عَبْدٍ، وَقِيلَ: لَا كَوَلِيِّهَا، وَكَطَوْلِ حُرَّةٍ مَنْ نَكْحَ أَمَةً، وَفِي ثَالِثٍ: لَهُمُ الْفَسْخُ كَمَا لَوْ كَانَتْ مَعْدُومَةً قَبْلَ الْعَقْدِ، (فَلَوْ رَضِيَتِ الْمَرْأَةُ وَالْأَوْلِيَاءُ بِغَيْرِهِ) أَيْ: بِغَيْرِ كُفْءٍ - (لَمْ يَصِحَّ) ; لِفَوَاتِ الشَّرْطِ ; وَلِأَنَّهَا حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى وَلَهُمْ، وَاحْتَجَّ جَمَاعَةٌ بِبَيْعِهِ مَالَهَا بِدُونِ ثَمَنِهِ - مَعَ أَنَّ الْمَالَ أَخَفُّ مِنَ النِّكَاحِ ; لِدُخُولِ الْبَدَلِ فِيهِ وَالْإِبَاحَةِ وَالْمُحَابَاةِ، وَيُحْكَمُ بِالنُّكُولِ فِيهِ - وَبِأَنَّ مَنْعَهَا تَزْوِيجَ نَفْسِهَا كَيْلَا يَضَعَهَا فِي غَيْرِ كُفْءٍ، فَبَطَلَ الْعَقْدُ ; لِتَوَهُّمِ الْعَارِ فِيهِ، فَهَاهُنَا

<<  <  ج: ص:  >  >>