للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلْعَبْدِ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَكْثَرَ مِنَ اثْنَتَيْنِ، وَإِنْ طَلَّقَ إِحْدَاهُنَّ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَتَزَوَّجَ أُخْرَى حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا.

فَصْلٌ النَّوْعُ الثَّانِي: مُحَرَّمَاتٌ لِعَارِضٍ يَزُولُ، فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ نِكَاحُ زَوْجَةِ غَيْرِهِ، وَالْمُعْتَدَّةُ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

وَسَنَدُهُ أَنَّ الْحَكَمَ بْنَ عُتَيْبَةَ قَالَ: أَجْمَعَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ الْعَبْدَ لَا يَنْكِحُ إِلَّا اثْنَتَيْنِ، وَلَا يَجُوزُ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ، رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ، وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَبِهِ يَتَخَصَّصُ عُمُومُ الْآيَةِ، أَوْ يُقَالُ: الْآيَةُ إِنَّمَا تَنَاوَلَتِ الْحُرَّ ; لِأَنَّ فِيهَا {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: ٣] وَالْعَبْدُ لَا يَمْلِكُ، وَلَوْ مَلَكَ فَنَفْسُ مِلْكِهِ لَا يُبِيحُ التَّسَرِّي.

فَرْعٌ: مَنْ عُتِقَ نِصْفُهُ أَوْ أَكْثَرُ، لَهُ جَمْعُ ثَلَاثٍ، نَصَّ عَلَيْهِ كَالْحَدِّ، وَقِيلَ: لَا يَمْلِكُ سِوَى اثْنَتَيْنِ ; لِأَنَّهُمَا قَدْ ثَبَتَا لَهُ وَهُوَ عَبْدٌ، فَلَا يَنْتَقِلُ عَنْهُ إِلَّا بِدَلِيلٍ مِنْ نَصٍّ أَوْ إِجْمَاعٍ، وَلَمْ يُوجَدْ (وَإِنْ طَلَّقَ إِحْدَاهُنَّ) أَيْ: نِهَايَةُ عَدَدِهِ (لَمْ يَجُزْ أَنْ يَتَزَوَّجَ أُخْرَى حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا) أَمَّا إِذَا كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا فَلَا خِلَافَ فِيهِ، وَكَذَا إِنْ كَانَ بَائِنًا أَوْ فَسْخًا، رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ ; لِأَنَّ بَعْضَ الْأَحْكَامِ بَاقِيَةٌ، فَيَمْتَنِعَانِ مِنْهُ كَالرَّجْعِيِّ بِخِلَافِ مَوْتِهَا، نَصَّ عَلَيْهِ، فَإِنْ قَالَ: أَخْبَرَتْنِي بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا، فَكَذَّبَتْهُ، فَلَهُ نِكَاحُ أُخْتِهَا وَبَدَلِهَا فِي الْأَصَحِّ، وَلَا تَسْقُطُ السُّكْنَى وَالنَّفَقَةُ وَنَسَبُ الْوَلَدِ، بَلِ الرَّجْعَةُ.

فَرْعٌ: يَجُوزُ نِكَاحُ أَمَتِهِ فِي عِدَّةِ حُرَّةٍ، إِذَا كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا، وَكَانَ خَائِفًا لِلْعَنَتِ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ مُهَنَّا ; لِوُجُودِ الشَّرْطَيْنِ.

تَذْنِيبٌ: فِي " الْفُنُونِ " قَالَ فَقِيهٌ: شَهْوَةُ الْمَرْأَةِ فَوْقَ شَهْوَةِ الرَّجُلِ تِسْعَةَ أَجْزَاءٍ. فَقَالَ حَنْبَلِيٌّ: لَوْ كَانَ هَذَا مَا كَانَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِأَرْبَعٍ، وَيَنْكِحَ مَا شَاءَ مِنَ الْإِمَاءِ، وَلَا تَزِيدُ الْمَرْأَةُ عَلَى رَجُلٍ، وَلَهَا مِنَ الْقَسْمِ الرُّبُعُ، وَحَاشَا حِكْمَتُهُ أَنْ تُضَيِّقَ عَلَى الْأَحْوَجِ. وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - وَبَعْضُهُمْ يَرْفَعُهُ -: فُضِّلَتِ الْمَرْأَةُ عَلَى الرَّجُلِ بِتِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ جُزْءًا مِنَ اللَّذَّةِ - أَوْ قَالَ -: مِنَ الشَّهْوَةِ، وَلَكِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَلْقَى عَلَيْهِنَّ الْحَيَاءَ، وَقَوَّي فِي " إِعْلَامِ الْمُوَقِّعِينَ " أَنَّ الرَّجُلَ أَشَدُّ شَهْوَةً مِنَ الْمَرْأَةِ، وَأَنَّ حَرَارَتَهُ أَقْوَى مِنْ حَرَارَةِ الْمَرْأَةِ، وَالشَّهْوَةُ تَتْبَعُهَا الْحَرَارَةُ ; بِدَلِيلِ أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا جَامَعَ امْرَأَةً أَمْكَنَهُ مُجَامَعَةَ غَيْرِهَا فِي الْحَالِ.

[مُحَرَّمَاتٌ لِعَارِضٍ يَزُولُ]

فَصْلٌ (النَّوْعُ الثَّانِي: مُحَرَّمَاتٌ لِعَارِضٍ يَزُولُ) ; لِأَنَّ زَوْجَةَ غَيْرِهِ إِنَّمَا حُرِّمَتْ لِأَجْلِ ذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>