للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نِكَاحُ الْمُحَلِّلِ، وَهُوَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا عَلَى أَنَّهُ إِذَا أَحَلَّهَا طَلَّقَهَا، فَإِنْ نَوَى ذَلِكَ بِغَيْرِ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

الْعَبَّاسِ أَنْكَحَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْحَكَمِ ابْنَتَهُ، وَأَنْكَحَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ ابْنَتَهُ، وَقَدْ كَانَا جَعَلَا صَدَاقًا، فَكَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ يَأْمُرُهُ بِالتَّفْرِيقِ بَيْنَهُمَا، وَقَالَ: هَذَا الشِّغَارُ الَّذِي نَهَى عَنْهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَجَوَابُهُ بِأَنَّ أَحْمَدَ ضَعَّفَهُ مِنْ قِبَلِ ابْنِ إِسْحَاقَ، وَبِأَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُمَا كَانَا جَعَلَا صَدَاقًا قَلِيلًا حِيلَةً، وَحَكَى الْمَجْدُ قَوْلًا وَصَحَّحَهُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ مَعَ قَوْلِهِ: وَتَضَعُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مَهْرَ الْأُخْرَى فَقَطْ لِلتَّصْرِيحِ بِالتَّشْرِيكِ الْمُقْتَضِي لِلْبُطْلَانِ، وَقَدْ صَرَّحَ الْقَاضِي، وَابْنُ عَقِيلٍ، وَالْمُؤَلِّفُ، أَنَّهُ مَتَى صَرَّحَ بِالتَّشْرِيكِ لَا يَصِحُّ النِّكَاحُ، قَوْلًا وَاحِدًا، فَهَذِهِ الصُّورَةُ عِنْدَهُمْ مُخْرِجَةٌ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْجَوْزِيِّ يَصِحُّ مَعَهُ بِتَسْمِيَةٍ، وَذَكَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَجْهًا اخْتَارَهُ: أَنَّ بُطْلَانَهُ لِاشْتِرَاطِ عَدَمِ الْمَهْرِ، وَمَتَى قُلْنَا بِصِحَّةِ الْعَقْدِ إِذَا سَمَّيَا صَدَاقًا، فَقِيلَ: تَفْسُدُ التَّسْمِيَةُ، وَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ، وَقِيلَ: يَجِبُ الْمُسَمَّى وَهُوَ الْمَذْهَبُ، فَإِنْ سَمَّى لِإِحْدَاهُمَا صَدَاقًا دُونَ الْأُخْرَى، فَسَدَ نِكَاحُهُمَا عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ وَالْأَوْلَى أَنَّهُ يَفْسَدُ فِي الَّتِي لَمْ يُسَمَّ لَهَا صَدَاقًا، وَفِي الْأُخْرَى رِوَايَتَانِ.

مَسْأَلَةٌ: إِذَا قَالَ: زَوَّجْتُكَ جَارِيَتِي هَذِهِ عَلَى أَنْ تُزَوِّجَنِي ابْنَتَكَ، وَيَكُونَ رَقِيقُهَا صَدَاقًا لِابْنَتِكَ - لَمْ يَصِحَّ تَزْوِيجُ الْجَارِيَةِ، وَإِذَا زَوَّجَ ابْنَتَهُ عَلَى أَنْ يَجْعَلَ رَقَبَةَ الْجَارِيَةِ صَدَاقًا لَهَا، صَحَّ، وَإِنْ زَوَّجَ عَبْدَهُ امْرَأَةً، وَجَعَلَ رَقَبَتَهُ صَدَاقًا لَهَا، صَحَّ النِّكَاحُ، وَوَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ.

[نِكَاحُ الْمُحَلِّلِ]

(وَالثَّانِي: نِكَاحُ الْمُحَلِّلِ) وَهُوَ حَرَامٌ بَاطِلٌ فِي قَوْلِ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ (وَهُوَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا عَلَى أَنَّهُ إِذَا أَحَلَّهَا) لِلْأَوَّلِ (طَلَّقَهَا) أَوْ فَلَا نِكَاحَ بَيْنَهُمَا، أَوْ زَوَّجْتُكَهَا إِلَى أَنْ تَطَأَهَا، لِمَا رَوَى ابْنُ مَسْعُودٍ قَالَ: «لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ، وَعَنْ عَلِيٍّ مِثْلُهُ، رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إِلَّا النَّسَائِيَّ، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ كَذَلِكَ،

<<  <  ج: ص:  >  >>