للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْخُلْعُ، وَوَقَعَ طَلَاقُهُ رَجْعِيًّا.

وَالْخُلْعُ طَلَاقٌ بَائِنٌ، إِلَّا أَنْ يَقَعَ بِلَفْظِ الْخُلْعِ، أَوِ الْفَسْخِ، أَوِ الْمُفَادَاةِ، وَلَا يَنْوِي بِهِ الطَّلَاقَ، فَيَكُونُ فَسْخًا لَا يَنْقُصُ بِهِ عَدَدُ الطَّلَاقِ فِي إِحْدَى

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

فَرْعٌ: الْمُكَاتَبَةُ كَالْأَمَةِ الْقِنِّ، سَوَاءٌ فِيمَا ذَكَرْنَا (وَإِنْ خَالَعَتْهُ الْمَحْجُورُ عَلَيْهَا) لِسَفَهٍ أَوْ صِغَرٍ أَوْ جُنُونٍ (لَمْ يَصِحَّ الْخُلْعُ) ؛ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي الْمَالِ، وَلَيْسَتْ مِنْ أَهْلِهِ، فَلَمْ يَصِحَّ، كَالْهِبَةِ وَنَحْوِهَا، وَظَاهِرُهُ: وَلَوْ أَذِنَ فِيهِ الْوَلِيُّ؛ لِأَنَّهُ لَا إِذَنْ لَهُ فِي التَّبَرُّعَاتِ، وَالْأَظْهَرُ: الصِّحَّةُ مَعَ الْإِذْنِ لِمَصْلَحَةٍ - وعَلَى مَا ذَكَرَهُ (وَوَقَعَ طَلَاقُهُ رَجْعِيًّا) ؛ لِأَنَّهُ طَلَاقٌ لَا عِوَضَ لَهُ، فَوَجَبَ وُقُوعُهُ رَجْعِيًّا؛ لِسَلَامَتِهِ عَمَّا يُنَافِيهِ، وَهَذَا إِذَا وَقَعَ الْخُلْعُ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ أَوْ نَوَاهُ بِهِ.

فَأَمَّا إِنْ وَقَعَ بِلَفْظِ الْفَسْخِ أَوِ الْمُفَادَاةِ - وَلَمْ يَنْوِ بِهِ طَلَاقًا - فَهُوَ كَالْخُلْعِ بِغَيْرِ عِوَضٍ، وَفِي " الْمُغْنِي " و" الشَّرْحِ ": يُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَقَعَ الْخُلْعُ هُنَا؛ لِأَنَّهُ إِنَّمَا رَضِيَ بِهِ بِعِوَضٍ، وَلَمْ يَحْصُلْ لَهُ، وَلَا أَمْكَنَ الرُّجُوعُ بِبَذْلِهِ، وَهَذَا إِذَا كَانَ الطَّلَاقُ بِغَيْرِ الثَّلَاثِ، فَإِنْ كَانَ بِهَا لَمْ يَقَعْ رَجْعِيًّا؛ لِأَنَّ الثَّلَاثَ لَا رَجْعَةَ مَعَهَا، فَأَمَّا الْمَحْجُورُ عَلَيْهَا لِفَلَسٍ فَلَا يَصِحُّ بِغَيْرِ إِذْنِ غُرَمَائِهَا؛ لِأَنَّهَا مَمْنُوعَةٌ مِنَ التَّبَرُّعِ، وَيَصِحُّ بِإِذْنِهِمْ؛ لِأَنَّهَا مِنْ أَهْلِ التَّصَرُّفِ؛ وَلِهَذَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهَا فِي ذِمَّتِهَا، بِخِلَافِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهَا لِحَظِّ نَفْسِهَا.

[أَلْفَاظُ الْخُلْعِ]

(وَالْخُلْعُ) لَهُ صَرِيحٌ، وَهُوَ لَفْظُ الْخُلْعِ، وَالْمُفَادَاةِ وَكَذَا الْفَسْخُ فِي الْأَشْهَرِ، وَكِنَايَةٌ: وَهُوَ الْإِبَانَةُ وَالتَّبْرِئَةُ، وَفِي " الرَّوْضَةِ ": صَرِيحَهُ الْخُلْعُ، أَوِ الْفَسْخُ، أَوِ الْفِدَاءُ، أَوْ بَارَئْتُكِ (طَلَاقٌ) أَيْ: إِذَا وَقَعَ بِغَيْرِ الْأَلْفَاظِ الْمَذْكُورَةِ بِغَيْرِ خِلَافٍ لِوُجُودِ صَرِيحِهِ أَوْ كِنَايَتِهِ مُقْتَرِنَةً بِالنِّيَّةِ (بَائِنٌ) ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة: ٢٢٩] وَإِنَّمَا يَكُونُ فِدَاءً إِذَا خَرَجَتْ مِنْ قَبْضَتِهِ وَسُلْطَانِهِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ بَائِنًا لَكَانَتْ لَهُ الرَّجْعَةُ، وَكَانَتْ تَحْتَ حُكْمِهِ وَقَبْضَتِهِ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ إِزَالَةُ الضَّرَرِ عَنْهَا، فَلَوْ جَازَتِ الرَّجْعَةُ لَعَادَ الضَّرَرُ (إِلَّا أَنْ يَقَعَ بِلَفْظِ الْخُلْعِ أَوِ الْفَسْخِ أَوِ الْمُفَادَاةِ، وَلَا يَنْوِي بِهِ الطَّلَاقَ فَيَكُونُ فَسْخًا لَا يَنْقُصُ بِهِ عَدَدُ الطَّلَاقِ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ) اخْتَارَهَا أَبُو بَكْرٍ، وَقَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ: وَهِيَ أَظْهَرُهُمَا، وَصَحَّحَهَا فِي " الْمُحَرَّرِ "، وَجَزَمَ بِهَا فِي " الْوَجِيزِ "، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَطَاوُسٍ، وَعِكْرِمَةَ، وَإِسْحَاقَ، وَاحْتَجَّ ابْنُ عَبَّاسٍ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ} [البقرة: ٢٢٩] ثُمَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>