للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ وَالْكِنَايَاتُ نَوْعَانِ: ظَاهِرَةٌ، وَهِيَ سَبْعَةٌ: أَنْتِ خَلِيَّةٌ، وَبَرِيَّةٌ، وَبَائِنٌ، وَبَتَّةٌ، وَبَتْلَةٌ، وَأَنْتِ حُرَّةٌ، وَأَنْتِ الْحَرَجُ.

وَخَفِيَّةٌ نَحْوَ: اخْرُجِي، وَاذْهَبِي، وَذُوقِي، وَتَجَرَّعِي، وَخَلَّيْتُكِ، وَأَنْتِ مُخَلَّاةٌ، وَأَنْتِ وَاحِدَةٌ، وَلَسْتِ لِي بِامْرَأَةٍ، وَاعْتَدِّي،

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

[كِنَايَاتُ الطَّلَاقِ]

فَصْلٌ (وَالْكِنَايَاتُ) قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: هِيَ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِشَيْءٍ وَيُرِيدُ غَيْرَهُ، وَقَدْ كَنَّيْتُ عَنْ كَذَا، وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّاعِ: كَنَّيْتُ عَنِ الشَّيْءِ: سَتَرْتُهُ، وَالْمُرَادُ بِهَا أَنَّهَا تُشْبِهُ الصَّرِيحَ، وَتَدُلُّ عَلَى مَعْنَاهُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَلَيْسَ بِصَرِيحٍ، وَلَا كِنَايَةٍ، نَحْوَ: قُومِي وَاقْعُدِي.

(نَوْعَانِ: ظَاهِرَةٌ) ؛ لِأَنَّ مَعْنَى الطَّلَاقِ فِيهَا أَظْهَرُ مِنَ الثَّانِي (وَهِيَ سَبْعَةُ) أَلْفَاظٍ (أَنْتِ خَلِيَّةٌ) هِيَ فِي الْأَصْلِ: النَّاقَةُ تُطْلَقُ مِنْ عِقَالِهَا وَيُخَلَّى عَنْهَا، وَيُقَالُ لِلْمَرْأَةِ: خَلِيَّةٌ، كِنَايَةٌ عَنِ الطَّلَاقِ، قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ، وَجَعَلَ أَبُو جَعْفَرٍ مُخَلَّاةً كَخَلِيَّةٍ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا.

(وَبَرِيَّةٌ) بِالْهَمْزِ وَتَرْكِهِ (وَبَائِنٌ) أَيْ: مُنْفَصِلَةٌ (وَبَتَّةٌ) بِمَعْنَى: مَقْطُوعَةٌ.

(وَبَتْلَةٌ) بِمَعْنَى: مُنْقَطِعَةٍ، وَسُمِّيَتْ مَرْيَمُ: الْبَتُولُ؛ لِانْقِطَاعِهَا عَنِ النِّكَاحِ بِالْكُلِّيَّةِ.

(وَأَنْتِ حُرَّةٌ) كَذَا ذَكَرَهَا الْأَكْثَرُونَ أَنَّهَا مِنَ الْكِنَايَاتِ الظَّاهِرَةِ؛ لِأَنَّ الْحُرَّةَ هِيَ الَّتِي لَا رِقَّ عَلَيْهَا، وَلَا شَكَّ أَنَّ النِّكَاحَ رِقٌّ، وَفِي الْخَبَرِ: «فَاتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ فَإِنَّهُنَّ عَوَانٌ عِنْدَكُمْ» أَيْ: أَسْرَى، وَالزَّوْجُ لَيْسَ لَهُ عَلَى الزَّوْجَةِ إِلَّا رِقُّ الزَّوْجِيَّةِ، فَإِذَا أَخْبَرَ بِزَوَالِ الرِّقِّ، فَهُوَ الرِّقُّ الْمَعْهُودُ، وَهُوَ رِقُّ الزَّوْجِيَّةِ.

(وَأَنْتِ الْحَرَجُ) بِفَتْحِ الْحَاءِ وَالرَّاءِ يَعْنِي: الْحَرَامَ وَالْإِثْمَ، زَادَ فِي " الْمُغْنِي " أَمْرُكِ بِيَدِكِ، وَأَسْقَطَ: أَنْتِ الْحَرَجُ.

وَزَادَ أَبُو الْخَطَّابِ: أَنْتِ طَالِقٌ لَا رَجْعَةَ لِي عَلَيْكِ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ مِنْ حَيْثُ الطَّلَاقِ صَرِيحٌ، وَمِنْ حَيْثُ الْبَيْنُونَةِ هَلْ هُوَ صَرِيحٌ أَوْ كِنَايَةٌ؛ فِيهِ احْتِمَالَانِ.

(وَخَفِيَّةٌ) هِيَ النَّوْعُ الثَّانِي، وَهِيَ أَخْفَى مِنَ الدَّلَالَةِ عَنِ الْأُولَى (نَحْوُ: اخْرُجِي) وَدَعِينِي أَوْ دَعِينِي، قَالَهُ فِي " الرِّعَايَةِ ".

(وَاذْهَبِي، وَذُوقِي، وَتَجَرَّعِي، وَخَلَّيْتُكِ، وَأَنْتِ مُخَلَّاةٌ) أَيْ: فَأَنْتِ مُطَلَّقَةٌ، مِنْ قَوْلِهِمْ: خَلِّي سَبِيلِي، فَهُوَ مُخَلًّى (وَأَنْتِ وَاحِدَةٌ) أَيْ: مُنْفَرِدَةٌ (وَلَسْتِ لِي بِامْرَأَةٍ، وَاعْتَدِّي، وَاسْتَبْرِي) " اسْتَبْرِي " أَصْلُهُ الْهَمْزُ؛

<<  <  ج: ص:  >  >>