للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحْمَدُ: تُطَلَّقُ امْرَأَتُهُ ثَلَاثًا، وَإِنْ قَالَ: أَعْنِي بِهِ طَلَاقًا، طُلِّقَتْ وَاحِدَةً، وَعَنْهُ: أَنَّهُ ظِهَارٌ فِيهِمَا.

وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ كَالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ، وَقَعَ مَا نَوَاهُ مِنَ الطَّلَاقِ وَالظِّهَارِ، وَالْيَمِينُ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا، فَهَلْ يَكُونُ ظِهَارًا أَوْ يَمِينًا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، وَإِنْ قَالَ: حَلَفْتُ بِالطَّلَاقِ، وَكَذِبَ، لَزِمَهُ إِقْرَارُهُ فِي الْحُكْمِ، وَلَا يَلْزَمُهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى.

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

(وَعَنْهُ: أَنَّهُ ظِهَارٌ فِيهِمَا) أَيْ: فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ صَرِيحٌ فِيهِ، فَلَمْ يَصِرْ طَلَاقًا بِقَوْلِهِ: أَعْنِي بِهِ الطَّلَاقَ، أَوْ طَلَاقًا.

فَرْعٌ: لَوْ نَوَى فِي: حَرَّمْتُكِ عَلَى غَيْرِي، فَكَطَلَاقٍ - ذَكَرَهُ فِي " التَّرْغِيبِ " وَغَيْرُهُ، وَلَوْ قَالَ: فِرَاشِي عَلَيَّ حَرَامٌ، فَإِنْ نَوَى امْرَأَتَهُ، فَظِهَارٌ، وَإِنْ نَوَى فِرَاشَهُ، فَهُوَ يَمِينٌ - نَقلَهُ ابْنُ هَانِئٍ

[إِنْ قَالَ أَنْتِ عَلَيَّ كَالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ]

(وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ كَالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ) وَالْخَمْرِ (وَقَعَ مَا نَوَاهُ) عَلَى الْمَذْهَبِ (مِنَ الطَّلَاقِ) ؛ لِأَنَّهُ إِذَا نَوَاهُ فَهُوَ طَلَاقٌ؛ لِأَنَّهُ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ كِنَايَةً فِيهِ، وَيَقَعُ مَا نَوَاهُ مِنَ الْعَدَدِ (وَالظِّهَارِ) إِذَا نَوَاهُ وَهُوَ يَقْصِدُ تَحْرِيمَهَا عَلَيْهِ مَعَ بَقَاءِ نِكَاحِهَا؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُهُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَكُونَ ظِهَارًا، وَجَزَمَ بِهِ فِي " عُيُونِ الْمَسَائِلِ " كَمَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ الْبَهِيمَةِ.

(وَالْيَمِينُ) وَهُوَ يُرِيدُ بِذَلِكَ تَرْكَ وَطْئِهَا - لَا تَحْرِيمَهَا وَلَا طَلَاقَهَا - فَهُوَ يَمِينٌ؛ وَلِأَنَّ فَائِدَةَ كَوْنِهِ يَمِينًا تَرَتُّبُ الْحِنْثِ وَالْبِرِّ، ثُمَّ تَرَتُّبُ الْكَفَّارَةِ وَعَدِمَهَا، وَفِي ذَلِكَ نَظَرٌ مِنْ حَيْثُ إِنَّ قَوْلَهُ: كَالْمَيْتَةِ لَيْسَ بِصَرِيحٍ فِي الْيَمِينِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ صَرِيحًا لَمَا انْصَرَفَ إِلَى غَيْرِهَا بِالنِّيَّةِ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ صَرِيحًا لَمْ تَلْزَمْهُ الْكَفَّارَةُ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ بِالْكِنَايَةِ لَا تَنْعَقِدُ؛ لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ إِنَّمَا تَجِبُ لِهَتْكِ الْقَسَمِ (وَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا، فَهَلْ يَكُونُ ظِهَارًا أَوْ يَمِينًا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ) هُمَا رِوَايَتَانِ أَصَحُّهُمَا: أَنَّهُ ظِهَارٌ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ: أَنْتِ حَرَامٌ عَلَيَّ كَالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ، فَإِنَّ تَشْبِيهَهَا بِهِمَا يَقْتَضِي التَّشْبِيهَ بِهِمَا فِي الْأَمْرِ الَّذِي اشْتَهَرَ أَنَّهُ هُوَ التَّحْرِيمُ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ} [المائدة: ٣] .

وَالثَّانِي: أَنَّهُ يَمِينٌ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ، فَإِذَا أَتَى بِلَفْظٍ مُحْتَمَلٍ، ثَبَتَ فِيهِ أَقَلُّ الْحُكْمَيْنِ؛ لِأَنَّهُ الْيَقِينُ، وَمَا زَادَ مَشْكُوكٌ فِيهِ (وَإِنْ قَالَ: حَلَفْتُ بِالطَّلَاقِ) أَوْ قَالَ: عَلَيَّ يَمِينٌ بِالطَّلَاقِ (وَكَذَبَ، لَزِمَهُ إِقْرَارُهُ فِي الْحُكْمِ) عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ مَا أَقَرَّ بِهِ؛ وَلِأَنَّهُ إِذَا أَقَرَّ ثُمَّ قَالَ: كَذَبْتُ - كَانَ جُحُودًا بَعْدَ الْإِقْرَارِ، فَلَا يُقْبَلُ كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ ثُمَّ أَنْكَرَ.

وَالثَّانِيَةُ: لَا يَلْزَمْهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْلِفْ، وَالْيَمِينُ إِنَّمَا تَكُونُ بِالْحَلِفِ (وَلَا يَلْزَمُهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى) عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ مَا قَالَهُ؛

<<  <  ج: ص:  >  >>