للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحنبل، وَعَنْهُ: يَحْنَثُ إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ جَمِيعَهُ، وَإِنْ حَلَفَ لَيَفْعَلَنَّهُ، لَمْ يَبَرَّ حَتَّى يَفْعَلَ جَمِيعَهُ، وَإِذَا حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارًا، فَأَدْخَلَهَا بَعْضَ جَسَدِهِ، أَوْ لَا يَلْبَسُ ثَوْبًا مِنْ غَزْلِهَا، فَلَبِسَ ثَوْبًا فِيهِ مِنْهُ، أَوْ لَا يَشْرَبُ مَاءَ هَذَا الْإِنَاءِ، فَشَرِبَ بَعْضَهُ - خَرَجَ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَإِنْ حَلَفَ: لَا شَرِبْتُ مَاءَ هَذَا النَّهْرِ، فَشَرِبَ مِنْهُ، حَنِثَ، وَإِنْ حَلَفَ: لَا يَلْبَسُ ثَوْبًا

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

كَلَامَهُمْ حَنِثَ رِوَايَةً وَاحِدَةً، وَإِنْ نَوَى غَيْرَهُ فَلَا، وَإِنْ أَطْلَقَ فَالْخِلَافُ، وَإِنْ عَلِمَ بِهِ وَلَمْ يَنْوِهِ، وَلَمْ يَسْتَثْنِهِ بِقَلْبِهِ فَرِوَايَتَانِ، أَصَحُّهُمَا: الْحِنْثُ، وَكَذَا إِنْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ فُلَانًا، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ يَحْسَبُهُ أَجْنَبِيًّا، أَوْ حَلَفَ لَا بِعْتُ لِزَيْدٍ ثَوْبًا، فَوَكَلَ زَيْدٌ مَنْ يَدْفَعُهُ إِلَى مَنْ يَبِيعُهُ، فَدَفَعَهُ إِلَى الْحَالِفِ، فَبَاعَهُ مِنْ غَيْرِ عِلْمِهِ.

[إِنْ حَلَفَ لَا يَفْعَلُ شَيْئًا فَفَعَلَ بَعْضَهُ]

(وَإِنْ حَلَفَ لَا يَفْعَلُ شَيْئًا، فَفَعَلَ بَعْضَهُ، لَمْ يَحْنَثْ) نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ وَحَنْبَلٍ، اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ كَالْإِثْبَاتِ؛ وَلِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «كَانَ يُخْرِجُ رَأْسَهُ وَهُوَ مُعْتَكِفٌ إِلَى عَائِشَةَ لِتُرَجِّلَهُ، وَهِيَ حَائِضٌ» ، وَالْمُعْتَكِفُ مَمْنُوعٌ مِنَ الْخُرُوجِ مِنَ الْمَسْجِدِ، وَالْحَائِضُ عَكْسُهُ (وَعَنْهُ: يَحْنَثُ) اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ، وَصَحَّحَهُ فِي " الْمُغْنِي "؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ تَقْتَضِي الْمَنْعَ مِنَ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ، فَاخْتَصَّ الْمَنْعُ بِشَيْءٍ مِنْهُ كَالنَّهْيِ (إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ جَمِيعَهُ) فَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْخِلَافَ إِنَّمَا هُوَ فِي الْيَمِينِ الْمُطْلَقَةِ، فَإِنْ نَوَى الْجَمِيعَ أَوِ الْبَعْضَ، عُمِلَ بِنِيَّتِهِ، وَكَذَا إِنْ كَانَتْ قَرِينَةٌ، وَعَلَى الْأُولَى: لَوْ حَلَفَ عَلَى مَنْ يَمْتَنِعُ بِيَمِينِهِ، كَزَوْجَةٍ وَقَرَابَةٍ، وَقَصَدَ مَنْعَهُ، وَلَا نِيَّةَ، وَلَا سَبَبَ وَلَا قَرِينَةَ - لَمْ يَحْنَثْ بِفِعْلِ بَعْضِهِ.

(وَإِنْ حَلَفَ لَيَفْعَلَنَّهُ، لَمْ يَبَرَّ حَتَّى يَفْعَلَ جَمِيعَهُ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ حَقِيقَةُ اللَّفْظِ؛ وَلِأَنَّ مَطْلُوبَهُ تَحْصِيلُ الْفِعْلِ، فَهُوَ كَالْأَمْرِ، وَلَوْ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِشَيْءٍ، لَمْ يَخْرُجْ عَنِ الْعُهْدَةِ إِلَّا بِفِعْلِ جَمِيعِهِ، فَكَذَا هُنَا (وَإِذَا حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارًا، فَأَدْخَلَهَا بَعْضَ جَسَدِهِ، أَوْ لَا يَلْبَسُ ثَوْبًا مِنْ غَزْلِهَا، فَلَبِسَ ثَوْبًا فِيهِ مِنْهُ، أَوْ لَا يَشْرَبُ مَاءَ هَذَا الْإِنَاءِ، فَشَرِبَ بَعْضَهُ - خَرَجَ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ) فِي فِعْلِ بَعْضِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ، وَالْمَذْهَبُ: أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ، كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَبِيعُ عَبْدَهُ، وَلَا يَهَبُهُ، فَبَاعَ أَوْ وَهَبَ بَعْضَهُ.

(وَإِنْ حَلَفَ: لَا شَرِبْتُ مَاءَ هَذَا النَّهْرِ، فَشَرِبَ مِنْهُ، حَنِثَ) وَجْهًا وَاحِدًا؛ لِأَنَّ فِعْلَ الْجَمِيعِ مُمْتَنِعٌ، فَلَا تُصْرَفُ الْيَمِينُ إِلَيْهِ، وَكَذَلِكَ إِنْ قَالَ: وَاللَّهِ لَا آكُلُ الْخُبْزَ، وَلَا أَشْرَبُ الْمَاءَ، مِمَّا عُلِّقَ عَلَى اسْمِ جِنْسٍ أَوْ جَمْعٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>