للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابٌ

التَّأْوِيلُ فِي الْحَلِفِ وَمَعْنَى التَّأْوِيلِ: أَنْ يُرِيدَ بِلَفْظِهِ مَا يُخَالِفُ ظَاهِرَهُ فَإِنْ كَانَ الْحَالِفُ ظَالِمًا، لَمْ يَنْفَعْهُ تَأْوِيلُهُ؛ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «يَمِينُكَ عَلَى مَا يُصَدِّقُكَ بِهِ صَاحِبُكَ» فَإِذَا

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

الْعَادَةِ انْفِرَادُ مَا اشْتَرَاهُ زَيْدٌ مِنْ غَيْرِهِ، فَيَكُونُ الْحِنْثُ ظَاهِرًا.

وَالثَّانِي: لَا يَحْنَثُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ "؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْحِنْثِ، وَلَمْ نَتَيَقَّنْهُ، فَعَلَى هَذَا: كُلُّ مَوْضِعٍ لَا يَحْنَثُ، فَحُكْمُهُ حُكْمُ مَا لَوْ حَلَفَ: لَا يَأْكُلُ تَمْرَةً، فَوَقَعَتْ فِي تَمْرٍ، فَأَكَلَ مِنْهُ وَاحِدَةً عَلَى مَا نَذْكُرُهُ، وَإِنْ قَابَلَ زَيْدٌ فِي مَأْكُولٍ كَانَ بَاعَهُ شَيْئًا، فَأَكَلَ مِنْهُ، فَهَلْ يَحْنَثُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، فَإِنْ كَانَ اشْتَرَى شَيْئًا سَلَمًا، أَوْ أَخَذَهُ عَلَى وَجْهِ الصُّلْحِ، فَأَكَلَ مِنْهُ - حَنِثَ.

[بَابُ التَّأْوِيلِ فِي الْحَلِفِ]

بَابٌ

التَّأْوِيلُ فِي الْحَلِفِ (وَمَعْنَى التَّأْوِيلِ: أَنْ يُرِيدَ بِلَفْظِهِ مَا يُخَالِفُ ظَاهِرَهُ) مِثْلَ أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ أَخِي يُرِيدُ أُخُوَّةَ الْإِسْلَامِ، وَبِالسَّقْفِ وَالْبِنَاءِ: السَّمَاءَ، وَبِالْبِسَاطِ وَالْفِرَاشِ: الْأَرْضَ، وَبِالْأَوْتَادِ: الْجِبَالَ، وَبِاللِّبَاسِ: اللَّيْلَ، أَوْ يَقُولُ: مَا رَأَيْتُ فُلَانًا، أَيْ: مَا ضَرَبْتُ رِئَتَهُ، وَمَا ذَكَرْتُهُ، أَيْ: مَا قَطَعْتُ ذَكَرَهُ، وَكَقَوْلِهِ: جَوَارِي أَحْرَارٌ، يَعْنِي: سُفُنَهُ، وَنِسَائِي طَوَالِقُ، أَيْ: أَقَارِبُهُ، أَوْ يَقُولُ: مَا كَاتَبْتُ فُلَانًا، وَلَا عَرَّفْتُهُ، وَلَا عَلَّمْتُهُ، وَلَا سَأَلْتُهُ حَاجَةً، وَلَا أَكَلْتُ لَهُ دَجَاجَةً وَلَا فَرُّوجَةً، وَلَا شَرِبْتُ لَهُ مَاءً، وَلَا فِي بَيْتِي فِرَاشٌ، وَلَا حَصِيرٌ، وَلَا بَارِيَةٌ، وَيَعْنِي بِالْمُكَاتَبَةِ: مُكَاتَبَةَ الرَّقِيقِ، وَبِالتَّعْرِيفِ: جَعْلَهُ عَرِيفًا، وَبِالْإِعْلَامِ: جَعْلَهُ أَعْلَمَ الشَّفَةِ، وَالْحَاجَةِ: الشَّجَرَةَ الصَّغِيرَةَ، وَالدَّجَاجَةِ: الْكُبَّةَ مِنَ الْغَزْلِ، وَالْفَرُّوجَةِ: الدُّرَّاعَةَ، وَالْفَرْشِ: صِغَارَ الْإِبِلِ، وَالْحَصِيرِ: الْجَيْشَ، وَالْبَارِيَةِ: السِّكِّينَ الَّتِي يُبْرَى بِهَا، فَهَذَا وَأَشْبَاهُهُ مِمَّا يَسْبِقُ إِلَى فَهْمِ السَّامِعِ خِلَافُهُ، إِذَا عَنَاهُ بِيَمِينِهِ فَهُوَ تَأْوِيلٌ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ.

(فَإِنْ كَانَ الْحَالِفُ ظَالِمًا، لَمْ يَنْفَعْهُ تَأْوِيلُهُ) بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ (لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «يَمِينُكَ عَلَى مَا يُصَدِّقُكَ بِهِ صَاحِبُكَ» وَفِي لَفْظٍ: «الْيَمِينُ عَلَى نِيَّةِ الْمُسْتَحْلِفِ»

<<  <  ج: ص:  >  >>