للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَتَحَقَّقُ حِنْثُهُ حَتَّى يَأْكُلَ التَّمْرَ كُلَّهُ.

وَإِنْ قَالَ لِامْرَأَتَيْهِ: إِحْدَاكُمَا طَالِقٌ - يَنْوِي وَاحِدَةً مُعَيَّنَةً - طُلِّقَتْ وَحْدَهَا، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ، أُخْرِجَتِ الْمُطَلَّقَةُ بِالْقُرْعَةِ وَإِنْ طَلَّقَ وَاحِدَةً

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

ذَلِكَ بِغَيْرِ خِلَافٍ، فَإِنْ أَكَلَ مِنْهَا شَيْئًا - قَلَّ أَوْ كَثُرَ - وَلَمْ يَدْرِ أَكَلَهَا أَوْ لَا، فَلَا يَتَحَقَّقُ حِنْثُهُ؛ لِأَنَّ الْبَاقِيَةَ يَحْتَمِلُ أَنَّهَا الْمَحْلُوفُ عَلَيْهَا، وَيَقِينُ النِّكَاحِ ثَابِتٌ، فَلَا يَزُولُ بِالشَّكِّ. فَعَلَى هَذَا حُكْمُ الزَّوْجِيَّةِ بَاقٍ إِلَّا فِي الْوَطْءِ، فَإِنَّ الْخِرَقِيَّ يَمْنَعُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ شَاكٌّ فِي حِلِّهَا، كَمَا لَوِ اشْتَبَهَتِ امْرَأَتُهُ بِأَجْنَبِيَّةٍ، وَذَكَرَ أَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ: أَنَّهَا بَاقِيَةٌ عَلَى الْحِلِّ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْحِلُّ، فَلَا يَزُولُ بِالشَّكِّ كَسَائِرِ أَحْكَامِ النِّكَاحِ، وَكَمَا لَوْ شَكَّ هَلْ طَلَّقَ أَمْ لَا؛ فَإِنْ كَانَتْ يَمِينُهُ: لَيَأْكُلَنَّ هَذِهِ التَّمْرَةَ، فَلَا يَتَحَقَّقُ بِرُّهُ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّهُ أَكَلَهَا.

فَرْعٌ: إِذَا قَالَ لِزَوْجَتَيْهِ أَوْ أَمَتَيْهِ: إِحْدَاكُمَا طَالِقٌ أَوْ حُرَّةٌ غَدًا، فَمَاتَتْ إِحْدَاهُنَّ قَبْلَ الْغَدِ - طُلِّقَتْ، وَعُتِقَتِ الْبَاقِيَةُ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، وَقِيلَ: يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا كَمَوْتِهِمَا، وَهَلْ تُطَلَّقُ إِذَنْ أَوْ مُنْذُ طَلَّقَ؛ فِيهِ وَجْهَانِ.

[إِنْ قَالَ لِامْرَأَتَيْهِ إِحْدَاكُمَا طَالِقٌ]

(وَإِنْ قَالَ لِامْرَأَتَيْهِ: إِحْدَاكُمَا طَالِقٌ - يَنْوِي وَاحِدَةً مُعَيَّنَةً - طُلِّقَتْ وَحْدَهَا) ؛ لِأَنَّهُ عَيَّنَهَا بِنِيَّتِهِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ عَيَّنَهَا بِلَفْظِهِ، فَإِنْ قَالَ: أَرَدْتُ فُلَانَةَ - قُبِلَ؛ لِأَنَّ مَا قَالَهُ مُحْتَمَلٌ، وَلَا يُعْرَفُ إِلَّا مِنْ جِهَتِهِ (وَإِنْ لَمْ يَنْوِ، أُخْرِجَتِ الْمُطَلَّقَةُ بِالْقُرْعَةِ) نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ جَمَاعَةٍ، رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَلَا مُخَالِفَ لَهُمَا فِي الصَّحَابَةِ، وَقَالَهُ الْحَسَنُ، وَأَبُو ثَوْرٍ؛ وَلِأَنَّهُ إِزَالَةُ مِلْكٍ بُنِيَ عَلَى التَّغْلِيبِ وَالسِّرَايَةُ فتدخله القرعة كَالْعِتْقِ، وَقَدْ ثَبَتَ الْأَصْلُ بِقُرْعَتِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بَيْنَ الْعَبِيدِ السِّتَّةِ؛ وَلِأَنَّ الْحَقَّ لِوَاحِدٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ، فَوَجَبَ تَعْيِينُهُ بِقُرْعَةٍ كَإِعْتَاقِ عَبِيدِهِ فِي مَرَضِهِ، وَكَالسَّفَرِ بِإِحْدَى نِسَائِهِ، وَكَالْمَنْسِيَّةِ، وَعَنْهُ: يُعَيِّنُ أَيَّتَهُمَا شَاءَ، وَقَالَهُ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ، وَذَكَرَهَا بَعْضُهُمْ فِي الْعِتْقِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ إِيقَاعُهُ ابْتِدَاءً، وَيُعَيِّنُهُ، فَإِذَا أَوْقَعَهُ وَلَمْ يُعَيِّنْهُ - مَلَكَ تَعْيِينَهُ؛ لِأَنَّهُ اسْتِيفَاءُ مَا مَلَكَهُ، وَقَالَ قَتَادَةُ: يُطَلَّقْنَ جَمِيعًا، وَرُدَّ بِأَنَّهُ أَضَافَ الطَّلَاقَ إِلَى وَاحِدَةٍ فَلَمْ تُطَلَّقِ الْجَمِيعُ كَمَا لَوْ عَيَّنَهَا.

فَرْعٌ: لَا يَطَأُ إِحْدَاهُمَا قَبْلَ الْقُرْعَةِ أَوِ التَّعْيِينِ، وَهَلْ وَطْءُ إِحْدَاهُمَا تَعْيِينٌ لِغَيْرِهَا؛ قَالَ ابْنُ حَمْدَانَ: يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ، وَالْأَصَحُّ: أَنَّهُ لَيْسَ تَعْيِينًا لِغَيْرِهَا، وَلَا يَقَعُ بِالتَّعْيِينِ، بَلْ يَتَبَيَّنُ وُقُوعُهُ فِي الْمَنْصُوصِ، فَإِنْ مَاتَ أَقْرَعَ الْوَرَثَةُ، فَمَنْ قُرِعَتْ لَمْ تُوَرَّثْ - نَصَّ عَلَيْهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>