للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنِ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا، وَلَمْ يَرْتَجِعْهَا، بَانَتْ وَلَمْ تَحِلَّ لَهُ إِلَّا بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ، وَتَعُودُ إِلَيْهِ عَلَى مَا بَقِيَ مِنْ عَدَدِ طَلَاقِهَا، سَوَاءً رجعت بَعْدَ نِكَاحِ زَوْجِ غَيْرِهِ، أَوْ قَبْلَهُ،

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

رَجْعَتُهَا؛ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) ذَكَرَهُمَا ابْنُ حَامِدٍ، إِحْدَاهُمَا: لَا تَنْقَضِي حَتَّى تَغْتَسِلَ، وَلِزَوْجِهَا رَجْعَتُهَا، نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ، قَدَّمَهَا السَّامِرِيُّ وَابْنُ حَمْدَانَ، وَهِيَ قَوْلُ كَثِيرٍ مِنَ الْأَصْحَابِ، رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَقَالَهُ شَرِيكٌ، وَإِنْ فَرَّطَتْ فِي الْغُسْلِ عِشْرِينَ سَنَةً؛ وَلِأَنَّهُ قَوْلُ مَنْ سَمَّيْنَا مِنَ الصَّحَابَةِ، وَلَمْ يُعْرَفْ لَهُمْ مُخَالِفٌ فِي عَصْرِهِمْ - فَكَانَ كَالْإِجْمَاعِ؛ وَلِأَنَّ أَكْثَرَ أَحْكَامِ الْحَيْضِ لَا تَزُولُ إِلَّا بِالْغَسْلِ.

وَالثَّانِيَةُ: أَنَّهَا تَنْقَضِي بِانْقِطَاعِ الدَّمِ وَإِنْ لَمْ تَغْتَسِلْ، اخْتَارَهَا أَبُو الْخَطَّابِ وَالْحُلْوَانِيُّ، قَالَ ابْنُ حَمْدَانَ: وَهِيَ أَوْلَى، وَفِي " الْوَجِيزِ ": وَالصَّحِيحُ: مَا لَمْ يَمْضِ عَلَيْهَا وَقْتُ صَلَاةٍ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: ٢٢٨] وَالْقُرْءُ: الْحَيْضُ، وَقَدْ زَالَتْ، فَيَزُولُ التَّرَبُّصُ، وَيُحْمَلُ قَوْلُ الصَّحَابَةِ: حَتَّى تَغْتَسِلَ أَيْ: يَلْزَمُهَا الْغَسْلُ؛ وَلِأَنَّ انْقِضَاءَ الْعِدَّةِ يَتَعَلَّقُ بِبَيْنُونَتِهَا مِنَ الزَّوْجِ، وَحَلِّهَا لِغَيْرِهِ، فَلَمْ تَتَعَلَّقْ بِفِعْلٍ اخْتِيَارِيٍّ مِنْ جِهَةِ الْمَرْأَةِ بِغَيْرِ تَعْلِيقِ الزَّوْجِ، كَالطَّلَاقِ، فَإِنْ كَانَتِ الْعِدَّةُ بِوَضْعِ الْحَمْلِ، فَلَهُ رَجْعَتُهَا بَعْدَ وَضْعِهِ وَقَبْلَ أَنْ تَغْتَسِلَ مِنَ النِّفَاسِ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: لَهُ رَجْعَتُهَا عَلَى رِوَايَةِ حَنْبَلٍ، وَالصَّحِيحُ لَا نَصَّ عَلَيْهِ، سَوَاءٌ طَهُرَتْ مِنَ النِّفَاسِ أَمْ لَا.

[إِنِ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا وَلَمْ يَرْتَجِعْهَا]

(وَإِنِ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا، وَلَمْ يَرْتَجِعْهَا، بَانَتْ وَلَمْ تَحِلَّ لَهُ إِلَّا بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ) بِشُرُوطِهِ بِالْإِجْمَاعِ (وَتَعُودُ إِلَيْهِ عَلَى مَا بَقِيَ مِنْ عَدَدِ طَلَاقِهَا، سَوَاءٌ رجعت بَعْدَ نِكَاحِ زَوْجِ غَيْرِهِ، أَوْ قَبْلَهُ) وَجُمْلَتُهُ: أَنَّهَا إِذَا رَجَعَتْ إِلَيْهِ قَبْلَ زَوْجٍ ثَانٍ فَإِنَّهَا تَعُودُ إِلَيْهِ عَلَى مَا بَقِيَ مِنْ طَلَاقِهَا بِغَيْرِ خِلَافٍ عَلِمْنَاهُ، وَإِنْ عَادَتْ إِلَيْهِ بَعْدَ زَوْجٍ وَإِصَابَةٍ، وَكَانَ الْأَوَّلَ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا - عَادَتْ إِلَيْهِ بِطَلَاقٍ ثَلَاثًا إِجْمَاعًا، حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ، وَإِنْ طَلَّقَهَا دُونَ الثَّلَاثِ، فَأَظْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ أَنَّهَا تَعُودُ إِلَيْهِ عَلَى مَا بَقِيَ مِنْ طَلَاقِهَا، وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عُمَرَ، وَعِمْرَانَ، وَقَالَهُ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ؛ لِأَنَّ وَطْءَ الثَّانِي لَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ إِلَّا فِي الْإِحْلَالِ لِلْأَوَّلِ، فَلَا يُغَيِّرُ حُكْمَ الطَّلَاقِ كَوَطْءِ السَّيِّدِ، وَكَمَا لَوْ عَادَتْ إِلَيْهِ قَبْلَ نِكَاحٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>