للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ الشَّرْطُ الثَّانِي: أَنْ يَحْلِفَ فِي الرِّضَا وَالْغَضَبِ بِاللَّهِ تَعَالَى أَوْ صِفَةٍ مِنْ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

[الشَّرْطُ الثَّانِي أَنْ يَحْلِفَ بِاللَّهِ تَعَالَى أَوْ صِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ]

فَصْلٌ (الشَّرْطُ الثَّانِي أَنْ يَحْلِفَ فِي الرِّضَا وَالْغَضَبِ بِاللَّهِ تَعَالَى، أَوْ صِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ) لَا خِلَافَ أَنَّ الْحَلِفَ بِذَلِكَ إِيلَاءٌ، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْله تَعَالَى: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} [البقرة: ٢٢٦] ، أَيْ: يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ تَعَالَى، يُؤَيِّدُهُ قَوْله تَعَالَى: {فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: ٢٢٦] ؛ لِأَنَّ الْغُفْرَانَ، إِنَّمَا يَدْخُلُ فِي الْيَمِينِ بِاللَّهِ تَعَالَى. (فَإِنْ حَلَفَ بِنَذْرٍ، أَوْ عِتْقٍ، أَوْ طَلَاقٍ) أَوْ صَدَقَةِ مَالٍ، أَوِ الْحَجِّ، أَوِ الظِّهَارِ (لَمْ يُصِرْ مُؤْلِيًا فِي الظَّاهِرِ عَنْهُ) . وَاخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ، وَالْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ، قَالَ فِي " الْمُسْتَوْعِبِ ": هُوَ الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: ٢٢٦] . وَالْمَغْفِرَةُ إِنَّمَا تَكُونُ فِي الْحِنْثِ فِي الْيَمِينِ بِاللَّهِ، بِخِلَافِ الطَّلَاقِ وَغَيْرِهِ، وَلِأَنَّهُ لَمْ يَحْلِفْ بِاللَّهِ تَعَالَى، أَشْبَهَ مَا لَوْ حَلَفَ بِالْكَعْبَةِ. وَلِأَنَّ التَّعْلِيقَ بِشَرْطٍ، وَلِهَذَا لَا يُؤْتَى فِيهِ بِحَرْفِ الْقَسَمِ، وَلَا يُجَابُ بِجَوَابِهِ، وَلَا ذَكَرَهُ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ فِي بَابِ الْقَسَمِ، وَإِنَّمَا يُسَمَّى حَلِفًا تَجَوُّزًا لِمُشَارَكَتِهِ الْقَسَمَ فِي الْحَثِّ عَلَى الْفِعْلِ، أَوِ الْمَنْعِ مِنْهُ. (وَعَنْهُ يَكُونُ مُؤْلِيًا) لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ: كُلُّ يَمِينٍ مَنَعَتْ جِمَاعَ الْمَرْأَةِ فَهِيَ إِيلَاءٌ. وَقَالَهُ الشَّعْبِيُّ وَالنَّخَعِيُّ وَالْأَكْثَرُ؛ لِأَنَّهَا يَمِينٌ مَنَعَتْ جِمَاعها، فَكَانَتْ إِيلَاءً كَالْحَلِفِ بِاللَّهِ. وَعَنْهُ: بِيَمِينٍ مُكَفِّرَةٍ كَنَذْرٍ وَظِهَارٍ اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ. وَعَنْهُ: وَبِعِتْقٍ وَطَلَاقٍ بِأَنْ يَحْلِفَ بِهِمَا لِنَفْعِهِمَا، أَوْ عَلَى رِوَايَةٍ: تَرَكَهُ ضِرَارًا لَيْسَ كَمُؤْلٍ. اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَأَلْزَمَ عَلَيْهِ كَوْنَهُ يَمِينًا مُكَفِّرَةً، يَدْخُلُهَا الِاسْتِثْنَاءُ. وَالْحَقُّ أَنَّهُ إِذَا اسْتَثْنَى فِي يَمِينٍ مُكَفِّرَةٍ لَا يَكُونُ مُؤْلِيًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ بِالْحِنْثِ، فَلَمْ يَكُنِ الْحِنْثُ مُوجِبًا لِحَقٍّ عَلَيْهِ وَخَرَجَ عَلَى الْأَوَّلِ أَنَّ الْحَلِفَ بِغَيْرِ اللَّهِ وَصِفَتَهُ لَغْوٌ.

فَرْعٌ: إِذَا عُلِّقَ طَلَاقُ غَيْرِ مَدْخُولٍ بِهَا بِوَطْئِهَا، فَرِوَايَتَانِ، فَلَوْ وَطِئَهَا، وَقَعَ رَجْعِيًّا، وَهُمَا فِي " إِنْ وَطِئْتُكِ فَضُرَّتُكِ طَالِقٌ "، فَإِنْ صَحَّ إِيلَاءٌ فَأَبَانَ الضُّرَّةَ انْقَطَعَ، فَإِنْ نَكَحَهَا، وَقُلْنَا: تَعُودُ الصِّفَةُ - عَادَ الْإِيلَاءُ، وَتُبْنَى عَلَى الْمُدَّةِ.

١ -

<<  <  ج: ص:  >  >>