للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَالِ مَنْ يَقُومُ بِهِمَا.

وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُؤَذِّنُ صَيِّتًا أَمِينًا عَالِمًا بِالْأَوْقَاتِ، فَإِنْ تَشَاحَّ فِيهِ اثْنَانِ، قُدِّمَ أَفْضَلُهُمَا فِي ذَلِكَ، ثُمَّ أَفْضَلُهُمَا فِي دِينِهِ وَعَقْلِهِ، ثُمَّ مَنْ يَخْتَارُهُ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

بِالْمُسْلِمِينَ حَاجَةً إِلَيْهِ، وَنُقِلَ عَنْهُ الْمَنْعُ، لَكِنْ قَالَ فِي " الرِّعَايَةِ ": هُوَ ضَعِيفٌ، وَعَلَى مَا ذَكَرَهُ يَرْزُقُهُ الْإِمَامُ مِنَ الْفَيْءِ، لِأَنَّهُ الْمُعَدُّ لِلْمَصَالِحِ، فَهُوَ كَأَرْزَاقِ الْقُضَاةِ وَالْغُزَاةِ، وَرَوَى ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ مِنْ خُمُسِ الْخُمُسِ سَهْمِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَظَاهِرُهُ: أَنَّهُ إِذَا وُجِدَ مُتَطَوِّعٌ بِهِ لَمْ يُعْطَ غَيْرُهُ مِنْهُ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ.

[مَا يَتَحَلَّى بِهِ الْمُؤَذِّنُ مِنَ الصِّفَاتِ]

(وَيَنْبَغِي) أَيْ: وَيُسْتَحَبُّ (أَنْ يَكُونَ الْمُؤَذِّنُ صَيِّتًا) أَيْ: رَفِيعَ الصَّوْتِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ: «قُمْ مَعَ بِلَالٍ فَأَلْقِهِ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ أَنْدَى صَوْتًا مِنْكَ» وَاخْتَارَ أَبَا مَحْذُورٍ لِلْأَذَانِ لِكَوْنِهِ صَيِّتًا، وَلِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الْإِعْلَامِ، زَادَ فِي " الْمُغْنِي " وَغَيْرِهِ: وَأَنْ يَكُونَ حَسَنَ الصَّوْتِ، لِأَنَّهُ أَرَقُّ لِسَامِعِهِ (أَمِينًا) أَيْ: عَدْلًا لِمَا رَوَى أَبُو مَحْذُورَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «أُمَنَاءُ النَّاسِ عَلَى صَلَاتِهِمْ وَسُحُورِهِمُ الْمُؤَذِّنُونَ» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ، وَفِيهِ يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، وَفِيهِ كَلَامٌ، وَلِأَنَّهُ مُؤْتَمَنٌ يُرْجَعُ إِلَيْهِ فِي الصَّلَاةِ، وَغَيْرِهَا، وَلَا يُؤْمَنُ أَنْ يَغُرَّهُمْ بِأَذَانِهِ إِذَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ، وَلِأَنَّهُ يُؤَذِّنُ عَلَى مَوْضِعٍ عَالٍ، وَلَا يُؤْمَنُ مِنْهُ النَّظَرُ إِلَى الْعَوْرَاتِ (عَالِمًا بِالْأَوْقَاتِ) لِيَتَحَرَّاهَا فَيُؤَذِّنَ فِي أَوَّلِهَا، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِهَا لَا يُؤْمَنُ مِنْهُ الْخَطَأُ، وَاشْتَرَطَهُ أَبُو الْمَعَالِي كَالذُّكُورِيَّةِ، وَالْعَقْلِ، وَالْإِسْلَامِ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ بَصِيرًا، قَالَهُ فِي " الْمُغْنِي " و" الشَّرْحِ " لِأَنَّ الْأَعْمَى لَا يَعْرِفُ الْوَقْتَ، فَرُبَّمَا غَلِطَ، وَكَرِهَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ الزُّبَيْرِ أَذَانَهُ، وَكَرِهَ ابْنُ عَبَّاسٍ إِقَامَتَهُ.

قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: فَإِنْ كَانَ لَهُ مَنْ يُعَرِّفُهُ الْوَقْتَ لَمْ يُكْرَهْ، نَصَّ عَلَيْهِ، لِفِعْلِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ، وَتُسْتَحَبُّ حُرِّيَّتُهُ، حَكَاهُ ابْنُ هُبَيْرَةَ اتِّفَاقًا، وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ: لَا فَرْقَ، قَالَ أَبُو الْمَعَالِي: وَيَسْتَأْذِنُ سَيِّدَهُ (فَإِنْ تَشَاحَّ) تَفَاعَلَ مِنَ الشُّحِّ، وَهُوَ النَّحْلُ مَعَ حِرْصٍ (فِيهِ اثْنَانِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>