للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا يُجْزِئُهُ.

وَالْمُخْرَجُ فِي الْكَفَّارَةِ مَا يُجْزِئُ فِي الْفِطْرَةِ، وَفِي الْخُبْزِ رِوَايَتَانِ، وَإِنْ كَانَ قُوتُ بَلَدِهِ غَيْرَ ذَلِكَ أَجْزَأَ مِنْهُ ; لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} [المائدة: ٨٩] ، وَقَالَ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

الْقَدْرَ الْوَاجِبَ إِلَى الْعَدَدِ الْوَاجِبِ فَأَجْزَأَ، كَمَا لَوْ دَفَعَ ذَلِكَ إِلَيْهِ فِي يَوْمَيْنِ. (وَعَنْهُ لَا يُجْزِئُهُ) ، لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى قُوتَ يَوْمٍ مِنْ كَفَّارَةٍ، فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَدْفَعَ إِلَيْهِ ثَانِيًا كَمَا لَوْ دَفَعَهَا إِلَيْهِ مِنْ كَفَّارَةٍ وَاحِدَةٍ، فَعَلَى هَذَا يُجْزِئُهُ عَنْ إِحْدَى الْكَفَّارَتَيْنِ وَيَرْجِعُ فِي الْأُخْرَى إِنْ كَانَ أَعْلَمَهُ أَنَّهَا كَفَّارَةٌ وَإِلَّا فَلَا، وَيَتَخَرَّجُ أَلَّا يَرْجِعَ بِشَيْءٍ كَالزَّكَاةِ. وَالْأَوَّلُ أَقْيَسُ وَأَصَحُّ، فَإِنَّ اعْتِبَارَ عَدَدِ الْمَسَاكِينِ أَوْلَى مِنِ اعْتِبَارِ عَدَدِ الْأَيَّامِ. وَإِنْ دَفَعَ إِلَى السِتِّينَ مِنْ كَفَّارَتَيْنِ فَرِوَايَتَانِ

[الْمُخْرَجُ فِي الْكَفَّارَةِ]

(وَالْمُخْرَجُ فِي الْكَفَّارَةِ مَا يُجْزِئُ فِي الْفِطْرَةِ) وَهُوَ التَّمْرُ وَالزَّبِيبُ وَالْبُرُّ وَالشَّعِيرُ وَنَحْوُهَا. وَإِخْرَاجُ الْحَبِّ أَفْضَلُ لِلْخُرُوجِ مِنَ الْخِلَافِ، وَهِيَ حَالَةُ كَمَالِهِ ; لِأَنَّهُ يُدَّخَرُ وَيُهَيَّأُ لِمَنَافِعِهِ كُلِّهَا، بِخِلَافِ غَيْرِهِ.

وَنَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ: التَّمْرُ، وَالدَّقِيقُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا سِوَاهُمَا. وَفِي " التَّرْغِيبِ " التَّمْرُ أَعْجَبُ إِلَى أَحْمَدَ، فَإِنْ أَخْرَجَ دَقِيقًا جَازَ ; لِأَنَّهُ أَجْزَاءُ الْحَبِّ. وَقَدْ كَفَاهُمْ مُؤْنَتَهُ، وَهَيَّأَهُ لَهُمْ، بِخِلَافِ الْهَرِيسَةِ فَإِنَّهَا تَفْسَدُ عَنْ قُرْبٍ، وَفِي السَّوِيقِ الْخِلَافُ السَّابِقُ، (وَفِي الْخُبْزِ رِوَايَتَانِ) . الْمَنْصُوصُ الْإِجْزَاءُ اخْتَارَهَا الْخِرَقِيُّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} [المائدة: ٨٩] . وَالْمُطْعِمُ لِلْخُبْزِ مِنْ أَوْسَطِ مَا يُطْعِمُ أَهْلَهُ، وَلِأَنَّهُ مُهَيَّأٌ لِلْأَكْلِ. وَالثَّانِيَةُ: لَا، وَهِيَ ظَاهِرُ " الْمُحَرَّرِ " وَ " الْفُرُوعِ " ; لِأَنَّهُ خَرَجَ عَنْ حَالِ الْكَمَالِ، وَالِادِّخَارِ، أَشْبَهَ الْهَرِيسَةَ. قَالَ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ: الْأَوْلَى الْجَوَازُ، وَفِي " الْمُغْنِي " هُوَ أَحْسَنُ، وَهَذَا مِنْ أَوْسَطِ مَا يُطْعِمُ أَهْلَهُ وَلَيْسَ الِادِّخَارُ مَقْصُودًا فِي الْكَفَّارَةِ، فَإِنَّهَا مُقَدَّرَةٌ بِمَا يُقَوِّتُ الْمِسْكِينَ فِي يَوْمِهِ، وَهَذَا مُهَيَّأٌ لِلْأَكْلِ الْمُعْتَادِ لِلِاقْتِيَاتِ بِهِ، وَأَمَّا الْهَرِيسَةُ، فَإِنَّهَا خَرَجَتْ عَنِ الِاقْتِيَاتِ الْمُعْتَادِ إِلَى خُبْزِ الْإِدَامِ. (وَإِنْ كَانَ قُوتُ بَلَدِهِ غَيْرَ ذَلِكَ) كَالذُّرَةِ، وَالْأَرُزِّ (أَجْزَأَهُ مِنْهُ) فِي قَوْلِ أَبِي الْخَطَّابِ، وَالْمُؤَلِّفِ وَغَيْرِهِمَا، (لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} [المائدة: ٨٩] ، وَهَذَا مِمَّا يُطْعِمُهُ أَهْلُهُ فَوَجَبَ أَنْ يُجْزِئَهُ بِظَاهِرِ النَّصِّ، فَإِنْ أَخْرَجَ عَنْ قُوتِ بَلَدِهِ أَجْوَدَ مِنْهُ فَقَدْ زَادَهُ خَيْرًا. وَاعْتَبَرَ فِي " الْوَاضِحِ " غَالِبَ قُوتِ بَلَدِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>