للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ وَالسُّنَّةُ أَنْ يَتَلَاعَنَا قِيَامًا بِحَضْرَةِ جَمَاعَةٍ فِي الْأَوْقَاتِ، وَالْأَمَاكِنِ الْمُعَظَّمَةِ. وَإِذَا

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

[فَصْلُ السُّنَّةِ تُلَاعِنُ الزَّوْجَيْنِ قِيَامًا بِحَضْرَةِ السُّلْطَانِ]

فَصْلٌ (وَالسُّنَّةُ أَنْ يَتَلَاعَنَا قِيَامًا) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لِهِلَالِ بْنِ أُمَيَّةَ: «قُمْ فَاشْهَدْ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ» وَلِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الرَّدْعِ فَيَبْدَأُ الزَّوْجُ فَيَلْتَعِنُ، وَهُوَ قَائِمٌ، فَإِذَا فَرَغَ قَامَتِ الْمَرْأَةُ، فَالْتَعَنَتْ (بِحَضْرَةِ جَمَاعَةٍ) ، لِحُضُورِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ وَسَهْلِ بْنِ سَعْدٍ مَعَ حَدَاثَةِ أَسْنَانِهِمْ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ حَضَرَ جَمْعٌ كَثِيرٌ، لِأَنَّ الصِّبْيَانَ إِنَّمَا يَحْضُرُونَ تَبَعًا لِلرِّجَالِ إِذِ اللِّعَانُ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّغْلِيظِ لِلرَّدْعِ وَالزَّجْرِ. وَفِعْلُهُ فِي الْجَمَاعَةِ أَبْلَغُ فِي ذَلِكَ. وَيُسْتَحَبُّ أَلَّا يَنْقُصُوا عَنْ أَرْبَعَةٍ ; لِأَنَّ بَيِّنَةَ الزِّنَا الَّتِي شُرِعَ اللِّعَانُ مِنْ أَجْلِ الرَّمْيِ بِهِ أَرْبَعَةٌ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ. (فِي الْأَوْقَاتِ، وَالْأَمَاكِنِ الْمُعَظَّمَةِ) هَذَا قَوْلُ أَبِي الْخَطَّابِ وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْمُسْتَوْعِبِ " وَ " الْمُحَرِّرِ " وَ " الْوَجِيزِ "، فَفِي الزَّمَانِ بَعْدَ الْعَصْرِ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ} [المائدة: ١٠٦] . وَالْمُرَادُ صَلَاةُ الْعِشَاءِ فِي قَوْلِ الْمُفَسِّرِينَ. وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: وَبَيْنَ الْأَذَانَيْنِ ; لِأَنَّ الدُّعَاءَ بَيْنَهُمَا لَا يُرَدُّ. وَفِي الْمَكَانِ بِمَكَّةَ بَيْنَ الرُّكْنِ الَّذِي فِيهِ الْحَجَرُ الْأَسْوَدُ وَالْمَقَامُ، وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالْحَطِيمِ. وَلَوْ قِيلَ: بِالْحِجْرِ لَكَانَ أَوْلَى ; لِأَنَّهُ مِنَ الْبَيْتِ. وَبِالْمَدِينَةِ عِنْدَ الْمِنْبَرِ مِمَّا يَلِي الْقَبْرَ الشَّرِيفَ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «مَا بَيْنَ قَبْرِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ» . وَبِبَيْتِ الْمَقْدِسِ عِنْدَ الصَّخْرَةِ، وَفِي سَائِرِ الْبُلْدَانِ فِي جَوَامِعِهَا، وَهَلْ يَجُوزُ أَنْ يَرْتَقِيَا عَلَى الْمَنَابِرِ أَوْ لَا؟ وَإِنْ كَانَ فِي النَّاسِ كَثْرَةٌ، فِيهِ احْتِمَالٌ، أَوْ وَجْهٌ، قَالَهُ فِي " الْوَاضِحِ ". وَحَائِضٌ وَنَحْوُهَا بِبَابِ الْمَسْجِدِ لِتَحْرِيمِ مُكْثِهَا فِيهِ، فَلَوْ رَأَى الْإِمَامُ تَأْخِيرَهُ إِلَى انْقِطَاعِ الدَّمِ وَغَسْلِهَا لَمْ يَبْعُدْ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يُسْتَحَبُّ التَّغْلِيظُ مُطْلَقًا قَالَهُ الْقَاضِي، وَقَدَّمَهُ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>