للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ شُرُوطِ الْقِصَاصِ وَهِيَ أَرْبَعَةٌ: أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ الْجَانِي مُكَلَّفًا، فَأَمَّا الصَّبِيُّ، وَالْمَجْنُونُ، فَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِمَا، وَفِي السَّكْرَانِ وَشِبْهِهِ رِوَايَتَانِ: أَصَحُّهُمَا: وُجُوبُهُ عَلَيْهِ.

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

فَكَانَ فِعْلُهُ عَمْدَ خَطَأٍ كَشَرِيكِ الْخَاطِئِ، وَالثَّانِي: بَلَى ; لِأَنَّهُ شَرِيكٌ فِي الْقَتْلِ، لَكِنْ إِنْ كَانَ سُمَّ سَاعَةٍ، يَقْتُلُ فِي الْحَالِ، فَقَدْ قَتَلَ نَفْسَهُ، وَقَطَعَ سَرَايَةِ الْجُرْحِ وَجَرَى مَجْرَى مَنْ ذَبْحَ نَفْسَهُ بَعْدَ أَنْ جُرِحَ، وَيُنْظَرُ فِي الْجُرْحِ، فَإِنْ كَانَ مُوجِبًا لِلْقِصَاصِ، فَلِوَلِيِّهِ اسْتِيفَاؤُهُ، وَإِلَّا أَخَذَ الْأَرْشَ، وَإِنْ كَانَ السُّمُّ لَا يَقْتُلُ غَالِبًا، فَفَعَلَ الرَّجُلُ فِي نَفْسِهِ عَمْدَ الْخَطَأِ وَشَرِيكُهُ كَشَرِيكِ الْخَاطِئِ، وَإِنْ خَاطَهُ غَيْرُهُ بِغَيْرِ إِذْنِهِ كُرْهًا فَهُمَا قَاتِلَانِ عَلَيْهِمَا الْقَوَدُ.

[بَابُ شُرُوطِ الْقِصَاصِ]

[الشَّرْطُ الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ الْجَانِي مُكَلَّفًا]

بَابُ شُرُوطِ الْقِصَاصِ (وَهِيَ أَرْبَعَةٌ) وَسَيَذْكُرُهَا الْمُؤَلِّفُ (أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ الْجَانِي مُكَلَّفًا) لِأَنَّ الْقِصَاصَ عُقُوبَةٌ، وَغَيْرُ الْمُكَلَّفِ لَيْسَ مَحَلًّا لَهَا (فَأَمَّا الصَّبِيُّ، وَالْمَجْنُونُ، فَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِمَا) بِغَيْرِ خِلَافٍ ; لِأَنَّ التَّكْلِيفَ مِنْ شُرُوطِهِ، وَهُوَ مَعْدُومٌ، وَكَذَا إِذَا كَانَ زَائِلَ الْعَقْلِ بِسَبَبٍ يُعْذَرُ فِيهِ كَالنَّائِمِ، وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ ; لِأَنَّهُ لَا قَصْدَ لَهُمْ صَحِيحٌ، فَلَوْ قَالَ الْقَاتِلُ: كُنْتُ يَوْمَ الْقَتْلِ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا صَدَقَ مَعَ الْإِمْكَانِ بِيَمِينِهِ، وَإِنْ قَالَ: أَنَا الْآنَ صَغِيرٌ، فَلَا قَوَدَ، وَلَا يَمِينَ (وَفِي السَّكْرَانِ وَشِبْهِهِ) كَمَنْ زَالَ عَقْلُهُ بِسَبَبٍ غَيْرِ مَعْذُورٍ فِيهِ كَمَنْ يَشْرَبُ الْأَدْوِيَةَ الْمُخْبَثَةَ (رِوَايَتَانِ) وَذَكَرَ أَبُو الْخَطَّابِ أَنَّ ذَلِكَ مَبْنِيٌّ عَلَى طَلَاقِهِ، وَفِيهِ رِوَايَتَانِ، فَيَكُونُ فِي وُجُوبِ الْقِصَاصِ عَلَيْهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: لَا يَجِبُ عَلَيْهِ ; لِأَنَّهُ زَائِلُ الْعَقْلِ، أَشْبَهَ الْمَجْنُونَ ; وَلِأَنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ، أَشْبَهَ الصَّبِيَّ (أَصَحُّهُمَا وُجُوبُهُ عَلَيْهِ) نَصَرَهُ فِي " الْمُغْنِي "، وَ " الشَّرْحِ "، وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي وَصَاحِبُ " الْوَجِيزِ " ; لِأَنَّ الصَّحَابَةَ أَوْجَبُوا عَلَيْهِ حَدَّ الْقَذْفِ، وَإِذَا وَجَبَ الْحَدُّ فَالْقِصَاصُ الْمُتَمَحِّضُ حَقَّ آدَمِيٍّ أَوْلَى، وَلِأَنَّهُ يُفْضِي إِلَى أَنْ يَصِيرَ عِصْيَانُهُ سَبَبًا لِإِسْقَاطِ الْعُقُوبَةِ عَنْهُ، وَالطَّلَاقُ قَوْلٌ يُمْكِنُ إِلْغَاؤُهُ، بِخِلَافِ الْقَتْلِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>