للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ مُكَافِئًا لِلْجَانِي وَهُوَ أَنْ يُسَاوِيَهُ فِي الدِّينِ، وَالْحُرِّيَّةِ، وَالرِّقِّ فَيُقْتَلُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْمُسْلِمِ الْحُرِّ، أَوِ الْعَبْدِ، وَالذِّمِّيِّ الْحُرِّ، أَوِ الْعَبْدِ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

[الشَّرْطُ الثَّالِثُ أَنْ يَكُونَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ مُكَافِئًا لِلْجَانِي]

فَصْلٌ (الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ مُكَافِئًا لِلْجَانِي) لِأَنَّ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ إِذَا لَمْ يَكُنْ مُكَافِئًا لِلْجَانِي، فَيَكُونُ آخِذُهُ آخِذًا بِهِ لِأَكْثَرَ مِنَ الْحَقِّ (وَهُوَ أَنْ يُسَاوِيَهُ فِي الدِّينِ) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «الْمُؤْمِنُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ، وَلَا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَفِي لَفْظٍ «وَلَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ» ، «وَعَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: مِنَ السُّنَّةِ أَلَّا يُقْتَلَ مُؤْمِنٌ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَلِأَنَّ الْكَافِرَ مَنْقُوصٌ بِالْكُفْرِ، فَلَا يُقْتَلُ بِهِ الْمُسْلِمُ كَالْمُسْتَأْمَنِ، لَا يُقَالُ: الْآيَاتُ وَالْأَخْبَارُ الدَّالَّةُ عَلَى قَتْلِ الْمُسْلِمِ بِمِثْلِهِ شَامِلَةٌ لِقَتْلِ الْمُسْلِمِ بِالْكَافِرِ ; لِأَنَّهُ يَجِبُ تَخْصِيصُهَا بِمَا ذَكَرَ، وَقَدْ رَوَى الْسلمَانِيِّ «أَقَادَ مُسْلِمًا بِذِمِّيٍّ قُتِلَ» ، قَالَ أَحْمَدُ: لَيْسَ لَهُ إِسْنَادٌ، وَقَالَ أَيْضًا: هُوَ مُرْسَلٌ، وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: الْسلَمَانِيُّ ضَعِيفٌ إِذَا أَسْنَدَ فَكَيْفَ إِذَا أَرْسَلَ (وَالْحُرِّيَّةُ، وَالرِّقُّ) لِقَوْلِ عَلِيٍّ، وَابْنِ عَبَّاسٍ: لَا يُقْتَلُ حُرٌّ بِعَبْدٍ. رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَلِأَنَّهُمَا شَخْصَانِ لَا يَجْرِي بَيْنَهُمَا الْقِصَاصُ فِي الْأَطْرَافِ السَّلِيمَةِ، فَلَمْ يَجِبْ فِي النَّفْسِ كَالْأُبُوَّةِ، وَلِأَنَّهُ مَنْقُوصٌ بِالرِّقِّ، فَلَمْ يُقْتَلْ بِهِ الْحُرُّ لِرُجْحَانِهِ عَلَيْهِ بِوَصْفِ الْحُرِّيَّةِ (فَيُقْتَلُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْمُسْلِمِ الْحُرِّ، أَوِ الْعَبْدِ، وَالذِّمِّيِّ الْحُرِّ، أَوِ الْعَبْدِ بِمِثْلِهِ) لِحُصُولِ الْمُكَافَأَةِ بَيْنَهُمَا وَيُقْتَلُ الذِّمِّيُّ بِمِثْلِهِ، اتَّفَقَتْ أَدْيَانُهُمْ، أَوِ اخْتَلَفَتْ. نَصَّ عَلَيْهِ فِي النَّصْرَانِيِّ يُقْتَلُ بِالْمَجُوسِيِّ وَذِمِّيٍّ بِمُسْتَأْمَنٍ وَعَكْسِهِ، وَالْعَبْدِ الْمُسْلِمِ بِمِثْلِهِ فِي قَوْلِ أَكْثَرِهِمْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} [البقرة: ١٧٨] الْآيَةَ، وَكَتَفَاوُتِ الْفَضَائِلِ كَالْعِلْمِ، وَالشَّرَفِ، لَا مُكَاتِبٌ بِعَبْدِهِ، وَيُقْتَلُ بِعَبْدِهِ ذِي الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ فِي الْأَشْهَرِ، فَإِنْ قَتَلَ رَقِيقٌ مُسْلِمٌ رَقِيقًا مُسْلِمًا لِذِمِّيٍّ فَفِي جَوَازِ الْقَوَدِ وَجْهَانِ، وَإِنْ تَسَاوَتِ الْقِيمَةُ، وَإِنْ قَتَلَ عَبْدٌ ذِمِّيٌّ عَبْدًا مُسْلِمًا قُتِلَ بِهِ وَيُقْتَلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>