للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَتَلَ مُسْلِمٌ كَافِرًا عَمْدًا أُضْعِفَتِ الدِّيَةُ لِإِزَالَةِ الْقَوَدِ كَمَا حَكَمَ عُثْمَانُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.

فَصْلٌ وَإِنْ جَنَى الْعَبْدُ خَطَأً فَسَيِّدُهُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ فِدَائِهِ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ، أَوْ أَرْشِ جِنَايَتِهِ، أَوْ تَسْلِيمِهِ لِيُبَاعَ فِي الْجِنَايَةِ، وَعَنْهُ: إِنْ أَبَى تَسْلِيمَهُ فَعَلَيْهِ فِدَاؤُهُ بِأَرْشِ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

الزِّنَادِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَانَ يَجْمَعُ الْفُقَهَاءَ، فَكَانَ مِمَّا أَحْيَا مِنْ تِلْكَ السُّنَنِ، أَيْ: أَنَّهُ لَا تَغْلِيظَ، قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: لَيْسَ بِثَابِتٍ مَا رُوِيَ عَنِ الصَّحَابَةِ فِي هَذَا، وَلَوْ صَحَّ فَفِعْلُ عُمَرَ فِي حَدِيثِ قَتَادَةَ أَوْلَى فَيُقَدَّمُ عَلَى مَنْ خَالَفَهُ، وَهُوَ أَصَحُّ فِي الرِّوَايَةِ مَعَ مُوَافَقَةِ الْكِتَابِ، وَالسُّنَّةِ، وَالْقِيَاسِ.

(وَإِنْ قَتَلَ مُسْلِمٌ) وَقَدَّمَ فِي " الِانْتِصَارِ ": أَوْ كَافِرٌ، وَجَعَلَهُ ظَاهِرَ كَلَامِهِ (كَافِرًا) سَوَاءٌ كَانَ كِتَابِيًّا، أَوْ غَيْرَهُ حَيْثُ حُقِنَ دَمُهُ (عَمْدًا أُضْعِفَتِ الدِّيَةُ) نَصَّ عَلَيْهِ (لِإِزَالَةِ الْقَوَدِ) لِأَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يُقْتَلُ بِكَافِرٍ، وَلِأَنَّ الْقَوَدَ شُرِعَ زَجْرًا عَنْ تَعَاطِيهِ (كَمَا حَكَمَ عُثْمَانُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -) رَوَاهُ أَحْمَدُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَجُلًا قَتَلَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ فَرُفِعَ إِلَى عُثْمَانَ، فَلَمْ يَقْتُلْهُ وَغَلَّظَ الدِّيَةَ أَلْفَ دِينَارٍ فَذَهَبَ إِلَيْهِ أَحْمَدُ، وَلَهُ نَظَائِرُ، مِنْهَا الْأَعْوَرُ إِذَا قَلَعَ عَيْنَ صَحِيحٍ تَجِبُ دِيَةٌ كَامِلَةٌ حَيْثُ لَا قِصَاصَ، وَمِنْهَا أَنَّ سَارِقَ الثَّمَرِ يَلْزَمُهُ مَثَلًا قِيمَتُهُ حَيْثُ لَا قَطْعَ، وَمَذْهَبُ الْجَمَاهِيرِ مِنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ دِيَةَ الذِّمِّيِّ فِي الْعَمْدِ، وَالْخَطَأِ وَاحِدٌ لِلْعُمُومِ، وَكَمَا لَوْ قَتَلَ حُرٌّ عَبْدًا عَمْدًا ; لِأَنَّهُ بَدَلُ مُتْلَفٍ، فَلَمْ تَتَضَاعَفْ كَسَائِرِ الْأَمْوَالِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ يُودَى الْمَجُوسِيُّ بِأَلْفٍ وَسِتِّمِائَةٍ، وَالْكِتَابِيُّ بِثُلُثَيْ دِيَةِ الْمُسْلِمِ إِنْ قُلْنَا: دِيَتُهُ ثُلُثُهَا. نَصَّ عَلَيْهِ، وَنَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ أَنَّهَا تُغَلَّظُ بِثُلُثٍ.

[فَصْلٌ: الْعَبْدُ إِذَا جَنَى خَطَأً]

فَصْلٌ (وَإِنْ جَنَى الْعَبْدُ خَطَأً فَسَيِّدُهُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ فِدَائِهِ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ، أَوْ أَرْشِ جِنَايَتِهِ، أَوْ تَسْلِيمِهِ لِيُبَاعَ فِي الْجِنَايَةِ) إِذَا جَنَى رَقِيقٌ خَطَأً، أَوْ عَمْدًا، لَا قَوَدَ فِيهِ، أَوْ فِيهِ قَوَدٌ، وَاخْتِيرَ فِيهِ الْمَالُ، أَوْ أَتْلَفَ مَالًا وَجَبَ اعْتِبَارُ جِنَايَتِهِ ; لِأَنَّ جِنَايَةَ الصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ غَيْرُ مُلْغَاةٍ مَعَ عُذْرِهِ وَعَدَمِ تَكْلِيفِهِ، فَالْعَبْدُ أَوْلَى، وَلَا يُمْكِنُ تَعْلِيقُهَا بِذِمَّتِهِ ; لِأَنَّهُ يُفْضِي إِلَى إِلْغَائِهَا، أَوْ تَأْخِيرِ حَقِّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ إِلَى غَيْرِ غَايَةٍ، وَلَا بِذِمَّةِ السَّيِّدِ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَجْنِ فَتَعَيَّنَ

<<  <  ج: ص:  >  >>