للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ أَخْبَرَهُ بِذَلِكَ مُخْبِرٌ عَنْ يَقِينٍ، قَبِلَ قَوْلَهُ، وَإِنْ كَانَ عَنْ ظَنٍّ لَمْ يَقْبَلْهُ، وَمَتَى

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

فِي الْمَعْذُورِ اعْتِبَارًا بِالتَّحْرِيمَةِ، وَقِيلَ: قَضَاءٌ، اعْتِبَارًا بِالسَّلَامِ، فَإِنَّهُ وَقْتُ سُقُوطِ الْفَرْضِ، وَقِيلَ: الْخَارِجُ عَنِ الْوَقْتِ، وَلَا تَبْطُلُ بِخُرُوجِ وَقْتِهَا، وَهُوَ فِيهَا خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ فِي الْفَجْرِ، لِوُجُوبِهَا كَامِلَةً، فَلَا تُؤَدَّى نَاقِصَةً، وَمِثْلُهُ عَصْرُ أَمْسِهِ تَغْرُبُ، وَهُوَ فِيهَا.

[مَنْ شَكَّ فِي دُخُولِ الْوَقْتِ]

(وَمَنْ شَكَّ فِي) دُخُولِ (الْوَقْتِ لَمْ يُصَلِّ حَتَّى يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ دُخُولُهُ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ دُخُولِهِ، فَلَوْ صَلَّى مَعَ الشَّكِّ لَمْ يَصِحَّ وَإِنْ أَصَابَ، كَمَا لَوْ صَلَّى مَنِ اشْتَبَهَتْ عَلَيْهِ الْقِبْلَةُ مِنْ غَيْرِ اجْتِهَادٍ، وَقَالَ ابْنُ حَمْدَانَ: مَنْ أَحْرَمَ بِفَرْضٍ مَعَ مَا يُنَافِيهِ، لَا مَعَ مَا يُنَافِي الصَّلَاةَ عَمْدًا، أَوْ جَهْلًا أَوْ سَهْوًا، فَسَدَ فَرْضُهُ وَنَفْلُهُ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ، فَلَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ دُخُولُهُ كَمَنْ لَهُ صَنْعَةٌ جَرَتْ عَادَتُهُ بِعَمَلِ شَيْءٍ مُقَدَّرٍ إِلَى وَقْتِ الصَّلَاةِ، أَوْ قَارِئٍ جَرَتْ عَادَتُهُ بِقِرَاءَةِ شَيْءٍ فَقَرَأَهُ، جَازَتْ صَلَاتُهُ، جَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ، لِأَنَّهُ أَمْرٌ اجْتِهَادِيٌّ، فَاكْتُفِيَ فِيهِ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ كَغَيْرِهِ، وَلِأَنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا يَبْنُونَ أَمْرَ الْفِطْرِ عَلَى غَلَبَةِ الظَّنِّ، وَلَا يُعِيدُ بِحَالٍ، صَرَّحَ بِهِ فِي " الْمُحَرَّرِ " إِلَّا أَنْ يَتَيَقَّنَ أَنَّ صَلَاتَهُ قَبْلَ الْوَقْتِ، وَأَمَّا إِذَا تَيَقَّنَ كَالْعَالِمِ بِالْمَوَاقِيتِ وَدَقَائِقِ السَّاعَاتِ، وَسَيْرِ الْكَوَاكِبِ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي السَّمَاءِ عِلَّةٌ، وَلَا مَانِعَ فَمِنْ بَابِ أَوْلَى، وَقِيلَ: إِنْ قَدَرَ عَلَى الْيَقِينِ لَمْ يَعْمَلْ بِالظَّنِّ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ (فَإِنْ أَخْبَرَهُ بِذَلِكَ) أَيْ: بِدُخُولِ الْوَقْتِ (مُخْبِرٌ) ثِقَةٌ (عَنْ يَقِينٍ) عِلْمٍ بِأَنْ قَالَ: رَأَيْتُ الْفَجْرَ طَالِعًا، وَالشَّفَقَ غَارِبًا (قَبِلَ قَوْلَهُ) لِأَنَّ خَبَرَهُ مَعَ الثِّقَةِ يُفِيدُ وُجُوبَ الْعَمَلِ بِهِ، وَلِأَنَّهُ خَبَرٌ دِينِيٌّ أَشْبَهَ الرِّوَايَةَ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ أَمْكَنَهُ الْيَقِينُ (وَإِنْ كَانَ عَنْ ظَنٍّ لَمْ يَقْبَلْهُ) لِأَنَّهُ يَقْدِرُ عَلَى الصَّلَاةِ بِاجْتِهَادِ نَفْسِهِ، وَتَحْصِيلِ مِثْلِ ظَنِّهِ أَشْبَهَ حَالَ اشْتِبَاهِ الْقِبْلَةِ، زَادَ ابْنُ تَمِيمٍ، وَغَيْرُهُ: إِلَّا أَنْ يَتَعَذَّرَ عَلَيْهِ الِاجْتِهَادُ فَيَعْمَلَ بِقَوْلِهِ، وَالْأَعْمَى وَالْمَطْمُورُ الْقَادِرَانِ عَلَى التَّوَصُّلِ بِالِاسْتِدْلَالِ كَالْبَصِيرِ الْقَادِرِ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي إِمْكَانِ التَّقْدِيرِ بِمُرُورِ الزَّمَانِ، فَإِنْ كَانَ الْأَعْمَى عَاجِزًا عَنْ مَعْرِفَتِهِ بِنَفْسِهِ، قَلَّدَ بَصِيرًا عَالِمًا بِهِ، فَإِنْ عَدِمَ مَنْ يُقَلِّدُهُ فَاجْتَهَدَ، وَصَلَّى أَعَادَ إِنْ أَخْطَأَ، وَإِلَّا فَلَا، ذَكَرَهُ السَّامِرِيُّ، وَغَيْرُهُ، وَسَيَأْتِي، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُعِيدُ مُطْلَقًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>