للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ السَّادِسُ: ثُبُوتُ السَّرِقَةِ بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ، أَوْ إِقْرَارٍ مَرَّتَيْنِ، وَلَا يَنْزِعُ عَنْ إِقْرَارِهِ حَتَّى يُقْطَعَ.

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

[الشَّرْطُ السَّادِسُ ثُبُوتُ السَّرِقَةِ]

فَصْلٌ

(السَّادِسُ: ثُبُوتُ السَّرِقَةِ) لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْجَبَ الْقَطْعَ عَلَى السَّارِقِ، وَلَا يَتَحَقَّقُ ذَلِكَ إِلَّا بَعْدَ ثُبُوتِهِ (بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ) قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ قَطْعَ السَّارِقِ يَجِبُ إِذَا شَهِدَ بِهَا شَاهِدَانِ حُرَّانِ مُسْلِمَانِ، بِشَرْطِ أَنْ يَصِفَاهَا، وَلَا تُسْمَعُ قَبْلَ الدَّعْوَى فِي الْأَصَحِّ، فَإِنْ كَانَ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ غَائِبًا، فَطَالَبَ وَلِيُّهُ، احْتَاجَ الشَّاهِدَانِ أَنْ يَرْفَعَا فِي نَسَبِهِ بِحَيْثُ يَتَمَيَّزُ عَنْ غَيْرِهِ، فَإِنْ وَجَبَ الْقَطْعُ بِشَهَادَتِهِمَا لَمْ يَسْقُطْ بِمَوْتِهِمَا، وَلَا غَيْبَتِهِمَا، فَإِنْ شَهِدَتْ فِي غَيْبَتِهِ ثُمَّ حَضَرَ أُعِيدَتْ، فَإِنِ اخْتَلَفَا فِي الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَالْمَسْرُوقِ، فَلَا قَطْعَ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا، وَإِنِ اخْتَلَفَا فِي اللَّوْنِ، أَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا: سَرَقَ هَرَوِيًّا، وَقَالَ الْآخَرُ: مَرْوِيًّا، فَوَجْهَانِ (أَوْ إِقْرَارٍ مَرَّتَيْنِ) لِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي أُمَيَّةَ الْمَخْزُومِيِّ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُتِيَ بِلِصٍّ قَدِ اعْتَرَفَ، فَقَالَ: إِخَالُكَ سَرَقْتَ، قَالَ: بَلَى، فَأَعَادَ عَلَيْهِ مَرَّتَيْنِ، قَالَ: بَلَى، فَأَمَرَ بِهِ فَقُطِعَ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ لِسَارِقٍ: سَرَقْتَ، قَالَ: فَشَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ مَرَّتَيْنِ، فَقُطِعَ. رَوَاهُ الْجَوْزَجَانِيُّ. وَلِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ إِتْلَافًا، فَكَانَ مِنْ شَرْطِهِ التَّكْرَارُ، كَحَدِّ الزِّنَا، أَوْ يُقَالُ: أَحَدُ حُجَّتَيِ الْقَطْعِ، فَيُعْتَبَرُ فِيهَا التَّكْرَارُ كَالشَّهَادَةِ، وَيَصِفُهَا بِأَنْ يَذْكُرَ فِيهَا شُرُوطَ السَّرِقَةِ، بِخِلَافِ إِقْرَارِهِ بِزِنًا، فَإِنَّ فِي اعْتِبَارِ التَّفْصِيلِ وَجْهَيْنِ، قَالَهُ فِي " التَّرْغِيبِ "، بِخِلَافِ الْقَذْفِ، لِحُصُولِ التَّغْيِيرِ، وَعَنْهُ: فِي إِقْرَارِ عَبْدٍ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، نَقَلَهُ مُهَنَّا، لَا بَكُونُ الْمَتَاعُ عِنْدَهُ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَصَدَّقَهُ الْمُقِرُّ لَهُ عَلَى سَرِقَةِ نِصَابٍ، وَفِي " الْمُغْنِي ": أَوْ قَالَ: فَقَدْتُهُ، وَمَعْنَاهُ فِي " الِانْتِصَارِ "، وَطَالَبَهُ هُوَ، أَوْ وَكِيلُهُ، أَوْ وَلِيُّهُ بِالسَّرِقَةِ لَا بِالْقَطْعِ، وَعَنْهُ: أَوْ لَمْ يُطَالِبْهُ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَشَيْخُنَا،

<<  <  ج: ص:  >  >>