للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالصَّقْرِ، وَالشَّاهِينِ، وَالْحِدَأَةِ، وَالْبُومَةِ، وَمَا يَأْكُلُ الْجِيَفَ كَالنَّسْرِ، وَالرَّخَمِ، وَاللَّقْلَقِ، وَغُرَابِ الْبَيْنِ، وَالْأَبْقَعِ.

وَمَا يُسْتَخْبَثُ كَالْقُنْفُذِ، وَالْفَأْرة، وَالْحَيَّاتِ، وَالْعَقَارِبِ، وَالْحَشَرَاتِ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

عُمُومِ النَّهْيِ، لِأَنَّ الدَّالَّ عَلَى حِلِّهِ خَاصٌّ، وَالنَّهْيَ عَامٌّ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْخَاصَّ مُقَدَّمٌ عَلَى الْعَامِّ.

[تَحْرِيمُ مَا لَهُ مِخْلَبٌ مِنَ الطَّيْرِ]

(وَمَا لَهُ مِخْلَبٌ) بِكَسْرِ الْمِيمِ، وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الظُّفْرِ لِلْإِنْسَانِ، (مِنَ الطَّيْرِ يَصِيدُ بِهِ) نَصَّ عَلَيْهِ؛ (كَالْعُقَابِ، وَالْبَازِي، وَالصَّقْرِ، وَالشَّاهِينِ، وَالْحِدَأَةِ، وَالْبُومَةِ) فِي قَوْلِ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ، لِمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ، قَالَ: «نَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ كُلِّ ذِي مِخْلَبٍ مِنَ الطَّيْرِ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. وَعَنْ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ مَرْفُوعًا نَحْوَهُ، وَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ، وَابْنُ عَبَّاسٍ: مَا سَكَتَ اللَّهُ عَنْهُ فَهُوَ مِمَّا عَفَى عَنْهُ، وَقَالَ اللَّيْثُ، وَالْأَوْزَاعِيُّ: لَا يَحْرُمُ شَيْءٌ مِنَ الطَّيْرِ، لِعُمُومِ الْآيَاتِ الْمُبِيحَةِ، وَجَوَابُهُ: الْخَبَرُ، وَبِهِ يَخُصُّ عُمُومَ الْآيَاتِ، وَكَذَا كُلُّ مَا أَمَرَ الشَّارِعُ بِقَتْلِهِ، أَوْ نَهَى عَنْهُ، وَفِي التَّرْغِيبِ: تَحْرِيمًا إِذْ لَوْ حَلَّ لَقَيَّدَهُ بِغَيْرِ مَأْكَلِهِ، (وَمَا يَأْكُلُ الْجِيَفَ) نَصَّ عَلَيْهِ؛ (كَالنَّسْرِ، وَالرَّخَمِ، وَاللَّقْلَقِ، وَغُرَابِ الْبَيْنِ، وَالْأَبْقَعِ) ؛ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «خَمْسٌ فَوَاسِقُ يُقْتَلْنَ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ» . الْخَبَرَ. فَذَكَرَ مِنْهَا الْغُرَابَ، وَالْبَاقِي كَهُوَ لِلْمُشَارَكَةِ بَيْنَهُمَا فِي أَكْلِهَا الْجِيَفَ، وَلِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَبَاحَ قَتْلَهَا فِي الْحَرَمِ، وَلَا يَجُوزُ قَتْلُ صَيْدٍ مَأْكُولٍ فِي الْحَرَمِ، وَلِأَنَّ مَا يُؤْكَلُ لَا يَحِلُّ قَتْلُهُ إِذَا قُدِرَ عَلَيْهِ، بَلْ يُذْبَحُ، وَيُؤْكَلُ، وَنَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ وَغَيْرُهُ: يُكْرَهُ، وَجَعَلَ فِيهِ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رِوَايَتَيِ الْجَلَّالَةِ، وَإِنَّ غَالِبَ أَجْوِبَةِ أَحْمَدَ لَيْسَ فِيهَا تَحْرِيمٌ، وَنَقَلَ حَرْبٌ: لَا بَأْسَ بِهِ، لِأَنَّهُ لَا يَأْكُلُ الْجِيَفَ.

[مَا يُسْتَخْبَثُ مِنَ الْحَيَوَانَاتِ وَالْحَشَرَاتِ]

(وَمَا يُسْتَخْبَثُ) أَيْ: مَا تَسْتَخْبِثُهُ الْعَرَبُ، وَالْأَصَحُّ ذُو الْيَسَارِ، وَقِيلَ: عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَقَالَ جَمَاعَةٌ: وَالْمُرُوءَةُ، فَهُوَ مُحَرَّمٌ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [الأعراف: ١٥٧] وَمَا اسْتَطَابَتْهُ، فَهُوَ طَيِّبٌ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ} [الأعراف: ١٥٧] ، وَالَّذِينَ تُعْتَبَرُ اسْتِطَابَتُهُمْ وَاسْتِخْبَاثُهُمْ، هُمْ أَهْلُ الْحِجَازِ مِنْ أَهْلِ الْأَمْصَارِ، لِأَنَّهُمْ هُمُ الَّذِينَ نَزَلَ عَلَيْهِمُ الْكِتَابُ، وَخُوطِبُوا بِهِ وَبِالسُّنَّةِ، فَرَجَعَ مُطْلَقُ أَلْفَاظِهَا إِلَى عُرْفِهِمْ، وَلَمْ يُعْتَبَرْ أَهْلُ الْبَوَادِي، لِأَنَّهُمْ لِلضَّرُورَاتِ وَالْمَجَاعَةِ يَأْكُلُونَ مَا وَجَدُوا، وَلِهَذَا سُئِلَ بَعْضُهُمْ عَمَّا يَأْكُلُونَ، فَقَالَ: كُلُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>