للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ وَيُكْرَهُ تَوْجِيهُ الذَّبِيحَةِ إِلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ، وَالذَّبْحُ بِآلَةٍ كَالَّةٍ، وَأَنْ يَحُدَّ السِّكِّينَ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

وَعَنْهُ: لَا بَأْسَ (وَإِنْ كَانَتْ فِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ لَمْ يُبَحْ إِلَّا بِذَبْحِهِ) نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ، لِأَنَّهُ نَفْسٌ أُخْرَى، وَهُوَ مُسْتَقِلٌّ بِحَيَاتِهِ، وَقُدِّمَ فِي الْمُحَرَّرِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ أَنَّهُ كَالْمُنْخَنِقَةِ، وَنَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ: إِنْ خَرَجَ حَيًّا فَلَا بُدَّ مِنْ ذَبْحِهِ، وَعَنْهُ: يَحِلُّ بِمَوْتِهِ قَرِيبًا (وَسَوَاءٌ أَشْعَرَ أَوْ لَمْ يُشْعِرْ) لِإِطْلَاقِ الْخَبَرِ، وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: ذَكَاتُهُ ذَكَاةُ أُمِّهِ إِذَا أَشْعَرَ، وَقَالَهُ جَمَاعَةٌ، لِمَا رَوَى سَعِيدٌ، ثَنَا سُفْيَانُ، ثَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، قَالَ: كَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُونَ: إِذَا أَشْعَرَ الْجَنِينُ فَذَكَاتُهُ ذَكَاةُ أُمِّهِ، وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: كَانَ النَّاسُ عَلَى إِبَاحَتِهِ إِلَى أَنْ جَاءَ النُّعْمَانُ، فَقَالَ: لَا يَحِلُّ، لِأَنَّ ذَكَاةَ نَفْسٍ لَا تَكُونُ ذَكَاةَ نَفْسَيْنِ، وَجَوَابُهُ: مَا سَبَقَ، وَحَكَمَ بِإِبَاحَتِهِ تَيْسِيرًا عَلَى عِبَادِهِ، وَلَا يُؤَثِّرُ فِي ذَكَاةِ أُمِّهِ تَحْرِيمُهُ كَتَحْرِيمِ أَبِيهِ، وَلَوْ وَجَأَ بَطْنَ أُمِّهِ فَأَصَابَ مَذْبَحَهُ يُذَكَّى وَالْأُمُّ مَيْتَةٌ، ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ.

فَائِدَةٌ: قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «ذَكَاةُ الْجَنِينِ ذَكَاةُ أُمِّهِ» مَنْ رَفَعَ جَعَلَهُ خَبَرَ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ: هُوَ ذَكَاةُ أُمِّهِ، فَلَا يُحْتَاجُ إِلَى تَذْكِيَتِهِ، هَذَا مَذْهَبُنَا وَالْجُمْهُورِ، وَمَنْ نَصَبَ قَدَّرَهُ كَذَكَاةِ الْجَنِينِ فَلَمَّا حُذِفَ الْجَارُّ نُصِبَ، فَعَلَيْهِ يَفْتَقِرُ الْجَنِينُ إِلَى ذَبْحٍ مُسْتَأْنَفٍ، لَكِنْ قَدَّرَهُ ابْنُ مَالِكٍ فِي رِوَايَةِ النَّصْبِ، تَقْدِيرُهُ: ذَكَاةُ الْجَنِينِ فِي ذَكَاةِ أُمِّهِ، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِرِوَايَةِ الرَّفْعِ الْمَشْهُورَةِ.

[تَوْجِيهُ الذَّبِيحَةِ إِلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ]

فَصْلٌ (وَيُكْرَهُ تَوْجِيهُ الذَّبِيحَةِ إِلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ) قَالَهُ ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ سِيرِينَ، لِمَا رُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا ضَحَّى وَجَّهَ أُضْحِيَتَهُ إِلَى الْقِبْلَةِ، وَقَالَ: {وَجَّهْتُ وَجْهِيَ} [الأنعام: ٧٩] » الْآيَتَيْنِ، وَلِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ قُرْبَةً كَالْأُضْحِيَّةِ، فَكُرِهَ تَوْجِيهُ الذَّبِيحَةِ إِلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ كَالْأَذَانِ، فَيُسَنُّ تَوْجِيهُهَا إِلَى الْقِبْلَةِ عَلَى شِقِّهَا الْأَيْسَرِ، وَرِفْقُهُ بِهَا، وَحَمْلُهُ عَلَى الْآلَةِ بِقُوَّةٍ، وَإِسْرَاعُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>