للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ

وَحُرُوفُ الْقَسَمِ: الْبَاءُ وَالْوَاوُ وَالتَّاءُ بِاسْمِ اللَّهِ خَاصَّةً، وَيَجُوزُ الْقَسَمُ بِغَيْرِ حَرْفِ الْقَسَمِ، فَيَقُولُ: اللَّهَ لَأَفْعَلَنَّ، بِالْجَرِّ وَالنَّصْبِ. وَإِنْ قَالَ: اللَّهُ لَأَفْعَلَنَّ، مَرْفُوعًا، كَانَ يَمِينًا، إِلَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ، وَلَا يَنْوِي بِهِ الْيَمِينَ.

وَيُكْرَهُ الْحَلِفُ بِغَيْرِ اللَّهِ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

[حُرُوفُ الْقَسَمِ]

فَصْلٌ

(وَحُرُوفُ الْقَسَمِ: الْبَاءُ) وَهِيَ الْأَصْلُ، لِأَنَّهَا الْحَرْفُ الَّتِي تَصِلُ بِهَا الْأَفْعَالُ الْقَاصِرَةُ عَنِ التَّعَدِّي إِلَى مَفْعُولَاتِهَا، وَتَدْخُلُ عَلَى الْمُضْمَرِ وَالْمُظْهَرِ، (وَالْوَاوُ) وَهِيَ بَدَلٌ مِنْهَا، وَيَلِيهَا الْمُظْهَرُ، وَهِيَ أَكْثَرُ اسْتِعْمَالًا، (وَالتَّاءُ) وَهِيَ بَدَلٌ مِنَ الْوَاوِ، وَتَخْتَصُّ، (بَاسِمِ اللَّهِ خَاصَّةً) فَإِذَا أَقْسَمَ بِأَحَدِ هَذِهِ الْحُرُوفِ الثَّلَاثَةِ فِي مَوْضِعِهِ كَانَ قَسَمًا صَحِيحًا، لِأَنَّهُ مَوْضُوعٌ لَهُ، وَقَدْ جَاءَ فِي كِتَابِ اللَّهِ الْعَزِيزِ وَكَلَامِ الْعَرَبِ، فَإِنِ ادَّعَى أَنَّهُ لَمْ يُرِدِ الْقَسَمَ بِهَا لَمْ يُقْبَلْ، وَقِيلَ: بَلَى، فِي: تَاللَّهِ لَأَقُومَنَّ، إِذَا قَالَ: أَرَدْتُ قِيَامِي بِمَعُونَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَا يُقْبَلُ فِي الْحَرْفَيْنِ الْآخَرَيْنِ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى.

مَسْأَلَةٌ: جَوَابُهُ فِي الْإِيجَابِ: بـ إِنَّ خَفِيفَةً وَثَقِيلَةً، وَبِاللَّامِ فِي الْمُبْتَدَأِ، وَالْفِعْلِ الْمُضَارِعِ مَقْرُونًا بِنُونَيِ التَّوْكِيدِ، وَقَدْ يَتَعَاقَبَانِ، وَفِي الْمَاضِي مَعَ قَدْ، وَقَدْ تُحْذَفُ مَعَهَا اللَّامُ لِطُولِ الْكَلَامِ، وَفِي النَّفْيِ بِمَا، وَإِنَّ بِمَعْنَاهَا، وَبِلَا، وَتُحْذَفُ لَامُهُ لَفْظًا نَحْوَ: وَاللَّهِ أَفْعَلُ.

(وَيَجُوزُ الْقَسَمُ بِغَيْرِ حَرْفِ الْقَسَمِ، فَيَقُولُ: اللَّهَ لَأَفْعَلَنَّ، بِالْجَرِّ وَالنَّصْبِ) وَالْمُرَادُ انْعِقَادُ الْيَمِينِ، لِأَنَّهُ لُغَةٌ صَحِيحَةٌ، وَقَدْ وَرَدَ بِهِ عرف الاستعمال فِي الشَّرْعِ، «فَرَوَى ابْنُ مَسْعُودٍ، أَنَّهُ لَمَّا أَخْبَرَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَتَلَ أَبَا جَهْلٍ، قَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إِنَّكَ قَتَلْتَهُ، قَالَ: آللَّهِ إِنِّي قَتَلْتُهُ» ، «وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأُسَامَةَ لَمَّا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ: آللَّهِ مَا أَرَدْتَ إِلَّا وَاحِدَةً» .

وَفِي اللُّغَةِ، قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:

فَقُلْتُ يَمِينَ اللَّهِ أَبْرَحُ قَاعِدًا ... وَلَوْ قَطَعُوا رَأْسِي لَدَيْكِ وَأَوْصَالِي

(وَإِنْ قَالَ: اللَّهُ لَأَفْعَلَنَّ، مَرْفُوعًا كَانَ يَمِينًا) لِأَنَّهُ فِي الْعُرْفِ الْعَامِّ يَمِينٌ، وَلَمْ يُوجَدْ مَا يَصْرِفُهُ عَنْهُ، فَوَجَبَ كَوْنُهُ يَمِينًا، كَالْقَسَمِ الْمَحْضِ، وَفِي الْمُغْنِي: لَا، كَمَا لَوْ كَانَ الْقَائِلُ مِنْ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ، (إِلَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ، وَلَا يَنْوِي بِهِ الْيَمِينَ) لِأَنَّهُ لَيْسَ بِيَمِينٍ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>