للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

عُرْفِ أَهْلِ اللُّغَةِ وَلَا نَوَاهَا، مُقْتَضَاهُ: أَنَّهُ إِذَا نَوَاهَا كَانَ يَمِينًا، لِأَنَّهُ قَصَدَ الْقَسَمَ، أَشْبَهَ مَا لَوْ جَرَّ، وَفِي الشَّرْحِ: فَإِنْ قَالَ: اللَّهُ لَأَفْعَلَنَّ، بِالرَّفْعِ، وَنَوَى الْيَمِينَ فَهُوَ يَمِينٌ، إِلَّا أَنَّهُ قَدْ لَحَنَ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ، فَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: يَكُونُ يَمِينًا إِلَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ، وَقِيلَ: لَا يَكُونُ يَمِينًا فِي حَقِّ الْعَامِّيِّ، انْتَهَى. قَالَ الْقَاضِي: وَلَوْ تَعَمَّدَهُ لَمْ يَضُرَّ، لِأَنَّهُ لَا يُحِيلُ الْمَعْنَى، وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: الْأَحْكَامُ تَتَعَلَّقُ بِمَا أَرَادَهُ النَّاسُ بِالْأَلْفَاظِ الْمَلْحُونَةِ، كَقَوْلِهِ: حَلَفْتُ بِاللَّهِ، رَفْعًا وَنَصْبًا، وَاللَّهِ أَصُومُ، أَوْ أُصَلِّي، وَنَحْوَهُ، وَكَقَوْلِ الْكَافِرِ: أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، بِرَفْعِ الْأَوَّلِ وَنَصْبِ الثَّانِي.

فَرْعٌ: هَاءُ اللَّهِ يَمِينٌ بِالنِّيَّةِ، قَالَهُ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، وَعَدَّهَا فِي الْمُسْتَوْعِبِ حَرْفَ قَسَمٍ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ، فَالظَّاهِرُ لَا يَكُونُ يَمِينًا، لِأَنَّهُ لَمْ يَقْتَرِنْ بِهَا عُرْفٌ وَلَا نِيَّةٌ، وَلَا في جَوَابه حَرْفٌ يَدُلُّ عَلَى الْقَسَمِ.

[الْحَلِفُ بِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى]

(وَيُكْرَهُ الْحَلِفُ بِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى) وَصِفَاتِهِ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، قِيلَ لِأَحْمَدَ: يُكْرَهُ الْحَلِفُ بِعِتْقٍ أَوْ طَلَاقٍ أَوْ شَيْءٍ، قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ لِمَ لَا يُكْرَهُ؛ لَا يُحْلَفُ إِلَّا بِاللَّهِ تَعَالَى، لِمَا رَوَى عُمَرُ مَرْفُوعًا، قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ، فَمَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاللَّهِ، أَوْ لِيَصْمُتْ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُحَرَّمًا) قَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَغَيْرُهُ: لَأَنْ أَحَلِفَ بِاللَّهِ كَاذِبًا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَحْلِفَ بِغَيْرِهِ صَادِقًا. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: لِأَنَّ حَسَنَةَ التَّوْحِيدِ أَعْظَمُ مِنْ حَسَنَةِ الصِّدْقِ، وَسَيِّئَةَ الْكَذِبِ أَسْهَلُ مِنْ سَيِّئَةِ الشِّرْكِ، يُؤَيِّدُهُ مَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ فَقَدْ أَشْرَكَ» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَحَسَّنَهُ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

فَعَلَى هَذَا اخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أَنَّهُ يُعَزَّرُ مع

<<  <  ج: ص:  >  >>