للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْخَطَّابِ. وَقَالَ الْقَاضِي: لَا يَنْفُذُ إِلَّا فِي الْأَمْوَالِ خَاصَّةً.

بَابُ أَدَبِ الْقَاضِي. يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ قَوِيًّا مِنْ غَيْرِ عُنْفٍ، لَيِّنًا مِنْ غَيْرِ ضَعْفٍ، حَلِيمًا ذَا أَنَاةٍ وَفِطْنَةٍ، بَصِيرًا بِأَحْكَامِ الْحُكَّامِ قَبْلَهُ، وَإِذَا وَلِيَ فِي غَيْرِ بَلَدِهِ، سَأَلَ عَمَّنْ فِيهِ مِنَ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ. وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: نُفُوذَ حُكْمِهِ بَعْدَ حُكْمِ حَاكِمِ الْإِمَامِ، وَأَنَّهُ إِنْ حَكَّمَ أَحَدُهُمَا خَصْمَهُ أَوْ حَكَّمَا مُفْتِيًا فِي مَسْأَلَةٍ اجْتِهَادِيَّةٍ جَازَ، وَأَنَّهُ يَكْفِي وَصْفُ الْقِصَّةِ لَهُ. وَيَنْبَغِي أَنْ يَشْهَدَا عَلَيْهِ بِالرِّضَى بِهِ قَبْلَ حُكْمِهِ لِئَلَّا يَجْحَدَ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ مِنْهُمَا. وَإِنْ رَجَعَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ أَنْ يَشْرَعَ مِنْهُ جَازَ، وَإِنْ رَجَعَ بَعْدَهُ قَبْلَ تَمَامِهِ فَوَجْهَانِ.

قَالَ ابْنُ حَمْدَانَ: لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ بَعْدَ الرِّضَى بِحُكْمِهِ. فَائِدَةٌ: لَهُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ بِحُكْمِهِ، وَيَلْزَمُ الْحُكَّامَ قَبُولُهُ، وَكِتَابُهُ كَكِتَابِ حَاكِمِ الْإِمَامِ. (وَقَالَ الْقَاضِي: لَا يَنْفُذُ إِلَّا فِي الْمَالِ خَاصَّةً) هَذِهِ رِوَايَةٌ حَكَاهَا فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ أَسْهَلُ مِنْ غَيْرِهِ، فَيَجِبُ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ.

[بَابُ أَدَبِ الْقَاضِي]

[الْآدَابُ الَّتِي يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَتَحَلَّى بِهَا]

بَابُ أَدَبِ الْقَاضِي الْأَدَبُ: بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالدَّالِ وَضَمِّهَا، لُغَةً: إِذَا صَارَ أَدَبِيًّا فِي خُلُقٍ أَوْ عِلْمٍ. فَأَدَبُ الْقَاضِي: أَخْلَاقُهُ الَّتِي يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَخَلَّقَ بِهَا، وَالْخُلُقُ صُورَتُهُ الْبَاطِنَةُ. (يَنْبَغِي) أَيْ: يُسَنُّ. (أَنْ يَكُونَ قَوِيًّا مِنْ غَيْرِ عُنْفٍ) لِئَلَّا يَطْمَعَ فِيهِ الظَّالِمُ، وَالْعُنْفُ ضِدُّ الرِّفْقِ. (لَيِّنًا مِنْ غَيْرِ ضَعْفٍ) لِئَلَّا يَهَابَهُ صَاحِبُ الْحَقِّ، وَظَاهِرُ الْفُصُولِ يَجِبُ ذَلِكَ. (حَلِيمًا) لِئَلَّا يَغْضَبَ مِنْ كَلَامِ الْخَصْمِ، فَيَمْنَعَهُ ذَلِكَ مِنَ الْحُكْمِ بَيْنَهُمْ، (ذَا أَنَاةٍ) ، الْأَنَاةُ: اسْمُ مَصْدَرٍ، لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إِلَى عَجَلَتِهِ. (وَفِطْنَةٍ) لِئَلَّا يُخْدَعَ كَغَيْرِهِ. (بَصِيرًا بِأَحْكَامِ الْحُكَّامِ قَبْلَهُ) لِقَوْلِ عَلِيٍّ: لَا يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَكُونَ قَاضِيًا حَتَّى يَكُونَ فِيهِ خَمْسُ خِصَالٍ: عَفِيفٌ،

<<  <  ج: ص:  >  >>