للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَسَطِ الْبَلَدِ إِنْ أَمْكَنَ.

وَلَا يَتَّخِذُ حَاجِبًا وَلَا بَوَّابًا، إِلَّا فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْحُكْمِ إِنْ شَاءَ. وَيُعْرَضُ الْقَصَصُ، فَيَبْدَأُ بِالْأَوَّلِ فَالْأَوَّلِ، وَلَا يُقَدِّمُ السَّابِقَ فِي أَكْثَرَ مِنْ حُكُومَةٍ وَاحِدَةٍ، فَإِنْ حَضَرُوا دُفْعَةً وَاحِدَةً وَتَشَاحُّوا، قَدَّمَ أَحَدَهُمْ بِالْقُرْعَةِ.

وَيَعْدِلُ بَيْنَ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

[لَا يَتَّخِذُ الْقَاضِي حَاجِبًا وَلَا بَوَّابًا]

(وَلَا يَتَّخِذُ حَاجِبًا وَلَا بَوَّابًا) لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَا مِنْ إِمَامٍ أَوْ وَالٍ يَغْلِقُ بَابَهُ دُونَ ذَوِي الْحَاجَةِ وَالْخَلَّةِ وَالْمَسْكَنَةِ، إِلَّا أَغْلَقَ اللَّهُ أَبْوَابَ السَّمَاءِ دُونَ خَلَّتِهِ وَحَاجَتِهِ وَمَسْكَنَتِهِ» . إِسْنَادُهُ ثِقَاتٌ، رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: غَرِيبٌ. وَلِأَنَّ الْحَاجِبَ رُبَّمَا قَدَّمَ الْمُتَأَخِّرَ وَأَخَّرَ الْمُتَقَدِّمَ لِغَرَضٍ لَهُ. (إِلَّا فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْحُكْمِ إِنْ شَاءَ) وَفِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ: إِلَّا مِنْ عُذْرٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَدْعُو حَاجَتُهُ إِلَى ذَلِكَ، وَلَا مَضَرَّةَ عَلَى الْخُصُومِ فِيهِ، لِأَنَّهُ لَيْسَ بِوَقْتٍ لِلْحُكُومَةِ. وَفِي الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ: الْمَنْعُ مُطْلَقًا. وَفِي الْمَذْهَبِ: يَتْرُكُهُ نَدْبًا. وَفِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ: لَيْسَ لَهُ تَأْخِيرُ الْخُصُومِ إِذَا تَنَازَعُوا إِلَيْهِ بِلَا عُذْرٍ، وَلَا لَهُ أَنْ يَحْتَجِبَ إِلَّا فِي أَوْقَاتِ الِاسْتِرَاحَةِ. وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَى رَأْسِهِ مَنْ يُرَتِّبُ النَّاسَ. (وَيُعْرَضُ الْقَصَصُ) لِيَقْضِيَ حَوَائِجَ أَصْحَابِهَا. (فَيَبْدَأُ بِالْأَوَّلِ فَالْأَوَّلِ) كَمَا لَوْ سَبَقَ إِلَى مَوْضِعٍ مُبَاحٍ. (وَلَا يُقَدِّمُ السَّابِقَ فِي أَكْثَرَ مِنْ حُكُومَةٍ وَاحِدَةٍ) لِئَلَّا يَسْتَوْعِبَ الْمَجْلِسَ بِدَعَاوِيهِ فَيَضُرَّ بِغَيْرِهِ، وَلِأَنَّهُ مَسْبُوقٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ الَّذِي يَلِيهِ سَبَقَهُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الدَّعْوَى الثَّانِيَةِ. وَقِيلَ: يُقَدِّمُ مَنْ لَهُ بَيِّنَةٌ لِئَلَّا تَضْجَرَ الْبَيِّنَةُ، وَفِي الرِّعَايَةِ يُكْرَهُ تَقْدِيمُ مُتَأَخِّرٍ (فَإِذَا حَضَرُوا دُفْعَةً وَاحِدَةً وَتَشَاحُّوا، قَدَّمَ أَحَدَهُمْ بِالْقُرْعَةِ) لِأَنَّهَا مَشْرُوعَةٌ لِلتَّرْجِيحِ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ، فَكَذَا هُنَا. وَفِي الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ: يُقَدِّمُ الْمُسَافِرَ الْمُرْتَحِلَ. زَادَ فِي الرِّعَايَةِ: وَالْمَرْأَةَ فِي حُكُومَاتٍ يَسِيرَةٍ. فَعَلَى هَذَا إِنْ كَانَ الْمُسَافِرُونَ مِثْلَ الْمُقِيمِينَ أَوْ أَقَلَّ وَفِي تَقْدِيمِهِمْ ضَرَرٌ اعْتُبِرَ رِضَى الْمُقِيمِينَ، وَقِيلَ: إِنْ كَانُوا مِثْلَهُمْ أَوْ أَكْثَرَ سَوَّى بَيْنَهُمْ، فَإِنِ ادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمْ أَنَّهُ حَضَرَ قَبْلَ الْآخَرِ لِيَدَّعِيَ عَلَيْهِ، فَهَلْ يُقَدِّمُ الْحَاكِمُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا، أَوْ يَصْرِفُهُمَا حَتَّى يَتَّفِقَا، أَوْ يُقْرِعُ بَيْنَهُمَا، أَوْ يَحْلِفُ كُلٌّ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ؛ فِيهِ أَوْجُهٌ. وَالِاعْتِبَارُ بِسَبْقِ الْمُدَّعِي، لَكِنْ لَوْ قَدَّمَ الْمُتَأَخِّرَ أَوْ عَكَسَ، صَحَّ قَضَاؤُهُ مَعَ الْكَرَاهَةِ.

[الْعَدْلُ بَيْنَ الْخُصُومِ]

(وَيَعْدِلُ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ) لُزُومًا فِي الْأَصَحِّ،

<<  <  ج: ص:  >  >>