للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْمَجَانِينِ وَالْوُقُوفِ. ثُمَّ فِي حَالِ الْقَاضِي قَبْلَهُ، فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يَصْلُحُ لِلْقَضَاءِ لَمْ يَنْقَضْ مِنْ أَحْكَامِهِ إِلَّا مَا خَالَفَ نَصَّ كِتَابٍ وَسُنَّة أَوْ إِجْمَاعًا. وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لَا

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

عَقَدَ هُوَ أَوْ فَسَخَ فَهُوَ فِعْلُهُ. وَهَلْ فِعْلُهُ حُكْمٌ؟ فِيهِ الْخِلَافُ الْمَشْهُورُ. مَسَائِلُ: حُكْمُهُ بِشَيْءٍ حَكَمٌ بِلَازِمِهِ، ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ فِي أَحْكَامِ مَفْقُودٍ. وَثُبُوتُ شَيْءٍ عِنْدَهُ لَيْسَ حُكْمًا بِهِ عَلَى مَا ذَكَرُوهُ فِي صِفَةِ السِّجِلِّ. وَتَنْفِيذُ الْحُكْمِ يَتَضَمَّنُ الْحُكْمَ بِصِحَّةِ الْحُكْمِ الْمُنَفَّذِ، قَالَهُ شَيْخُنَا ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ. وَفِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ حُكْمٌ، وَفِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ عَمَلٌ بِالْحُكْمِ وَإِجَازَةٌ لَهُ وَإِمُضَاءٌ، كَتَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ.

[النَّظَرُ فِي أَمْرِ الْأَيْتَامِ وَالْمَجَانِينِ وَفِي حَالِ الْقَاضِي قَبْلَهُ]

(ثُمَّ يَنْظُرُ فِي أَمْرِ الْأَيْتَامِ وَالْمَجَانِينِ وَالْوُقُوفِ) لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُمْكِنُهُ الْمُطَالَبَةَ، لِأَنَّ الصَّغِيرَ وَالْمَجْنُونَ لَا قَوْلَ لَهُمَا، وَأَرْبَابُ الْوُقُوفِ كَالْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ لَا يَتَعَيَّنُونَ. وَيَنْظُرُ أَيْضًا فِي الْوَصَايَا الَّتِي لَيْسَ لَهَا نَاظِرٌ مُعَيَّنٌ. فَلَوْ نَفَّذَ الْأَوَّلُ وَصِيَّتَهُ لَمْ يَعْزِلْهُ ; لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَعْرِفَةُ أَهْلِيَّتِهِ، لَكِنْ يُرَاعِيهِ، فَدَلَّ أَنَّ إِثْبَاتَ صِفَةٍ كَعَدَالَةٍ وَجَرْحٍ وَأَهْلِيَّةِ وَصِيَّةٍ وَغَيْرِهَا حُكْمٌ. (ثُمَّ فِي حَالِ الْقَاضِي قَبْلَهُ) وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَجِبُ ; لِأَنَّ الظَّاهِرَ صِحَّةُ قَضَايَا مَنْ قَبْلَهُ. وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ، وَرَجَّحَهُ ابْنُ الْمُنَجَّا: أَنَّهُ يَجِبُ. قِيلَ: لَا يَجُوزُ. وَالْأَصَحُّ أَنَّ لَهُ النَّظَرَ فِي حَالِ مَنْ قَبْلَهُ. (فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يَصْلُحُ لِلْقَضَاءِ لَمْ يَنْقُضْ مِنْ أَحْكَامِهِ إِلَّا مَا خَالَفَ نَصَّ كِتَابٍ وَسُنَّةٍ) مُتَوَاتِرَةً كَانَتْ أَوْ آحَادًا، كَقَتْلِ مُسْلِمٍ بِكَافِرٍ فَيَلْزَمُ نَقْضُهُ. نَصَّ عَلَيْهِمَا. وَقِيلَ: مُتَوَاتِرًا. وَكَذَا يَنْقُضُ حُكْمَ مَنْ جَعَلَ عَيْنَ مَالِهِ عِنْدَ مَنْ حَجَرَ عَلَيْهِ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ، نَصَّ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ مَا إِذَا زَوَّجَتْ نَفْسَهَا فِي الْأَصَحِّ. (أَوْ إِجْمَاعًا) لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى نَقْضِ الْحُكْمِ بِمِثْلِهِ، وَيُؤَدِّي إِلَى أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ حِكَمٌ أَصْلًا. وَقِيلَ: وَلَوْ ظَنِّيًّا. وَقِيلَ: وَقِيَاسًا جَلِيًّا. وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ يُنْقَضُ إِذَا خَالَفَ مَا ذُكِرَ ; لِأَنَّهُ حُكْمٌ لَمْ يُصَادِفْ شَرْطَهُ فَوَجَبَ نَقْضُهُ، لِأَنَّ شَرْطَ الِاجْتِهَادِ عَدَمُ مُخَالَفَةِ مَا ذُكِرَ، وَلِأَنَّهُ إِذَا وَجَدَ ذَلِكَ فَقَدْ فَرَّطَ، كَمَا لَوْ حَكَمَ بِشَهَادَةِ كَافِرَيْنِ. وَلَا فَرْقَ بَيْنَ حُقُوقِ اللَّهِ - تَعَالَى - وَحُقُوقِ الْآدَمِيِّ فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِ. وَفِي الْمُغْنِي: أَنَّ حَقَّ الْآدَمِيِّ لَا يَنْقُضُهُ إِلَّا بِمُطَالَبَتِهِ، بِخِلَافِ حَقِّ اللَّهِ - تَعَالَى -.

<<  <  ج: ص:  >  >>