للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَحْتَكِمَا فِي مَجْلِسٍ آخَرَ.

وَإِنْ قَالَ الْمُدَّعِي: لِي بَيِّنَةٌ. بَعْدَ قَوْلِهِ: مَا لِي بَيِّنَةٌ. لَمْ تُسْمَعْ، ذَكَرَهُ الْخِرَقِيُّ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ تُسْمَعَ وَإِنْ قَالَ: مَا أَعْلَمُ لِي بَيِّنَةً. ثُمَّ قَالَ: قَدْ عَلِمْتُ لِي بَيِّنَةً. سُمِعَتْ. وَإِنْ قَالَ شَاهِدَانِ: فَنَحْنُ نَشْهَدُ لَكَ. فَقَالَ: هَذَانِ بَيِّنَتِي. سُمِعَتْ. فإِنْ قَالَ: مَا أُرِيدُ أَنْ تَشْهَدَا لِي. لَمْ يُكَلَّفْ إِقَامَةَ الْبَيِّنَةِ.

وَإِنْ قَالَ: لِي بَيِّنَةٌ وَأُرِيدُ يَمِينَهُ. فَإِنْ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

الْيَمِينَ لَمْ يَسْمَعْهَا فِي ذَلِكَ) الْمَجْلِسِ ; لِأَنَّهُ أَسْقَطَ حَقَّهُ مِنْهَا. (حَتَّى يَحْتَكِمَا فِي مَجْلِسٍ آخَرَ) لِأَنَّ الدَّعْوَى فِيهِ تَصِيرُ مُحَاكَمَةً ثَانِيَةً. فَإِذَا اسْتَأْنَفَ الدَّعْوَى أُعِيدَ الْحُكْمُ بَيْنَهُمَا كَالْأَوَّلِ. وَقَالَ ابْنُ حَمْدَانَ: إِنْ بَذَلَهَا النَّاكِلُ قَبْلَ عَرْضِهَا عَلَى الْمُدَّعِي وَبَعْدَهُ بِرِضَاهُ سُمِعَتْ، وَإِلَّا فَلَا. وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ شَرْطُهُ: عَدَمُ الْحُكْمِ بِالنُّكُولِ، وَإِنْ تَعَذَّرَ رَدُّ الْيَمِينِ. وَقُلْنَا: بِهِ لِكَوْنِ الْمُدَّعِي وَلِيًّا وَنَحْوَهُ، قُضِيَ بِالنُّكُولِ. وَقِيلَ: يَحْلِفُ الْوَلِيُّ.

وَقِيلَ: إِنْ بَاشَرَ مَا ادَّعَاهُ. وَقِيلَ: يُحَلِّفُ حَاكِمٌ. وَقَطَعَ الْمُؤَلِّفُ: يَحْلِفُ إِذَا عَقَلَ وَيَكْتُبُ لَهُ مَحْضَرًا بِنُكُولِهِ. تَنْبِيهٌ: الَّذِي يُقْضَى فِيهِ بِالنُّكُولِ وَرَدِّ الْيَمِينِ الْمَالُ، وَمَا يُقْصَدُ بِهِ الْمَالُ. وَهَلْ يُقْضَى بِالنُّكُولِ فِي دَعْوَى الْوِكَالَةِ بِالْمَالِ؛ عَلَى وَجْهَيْنِ.

وَقَالَ السَّامَرِيُّ: اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي دَعْوَى الْكَفَالَةِ: هَلْ يُقْضَى فِيهَا بِالنُّكُولِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ، أَوْجَهُهُمَا: الْحُكْمُ بِهِ. قَالَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى.

[إِنْ قَالَ الْمُدَّعِي لِي بَيِّنَةٌ بَعْدَ قَوْلِهِ مَا لِي بَيِّنَةٌ]

(وَإِنْ قَالَ الْمُدَّعِي: لِي بَيِّنَةٌ. بَعْدَ قَوْلِهِ: مَا لِي بَيِّنَةٌ. لَمْ تُسْمَعْ، ذَكَرَهُ الْخِرَقِيُّ) نَصَّ عَلَيْهِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْوَجِيزِ، لِأَنَّ سَمَاعَ الْبَيِّنَةِ قَدْ تُحَقِّقُ كَذِبَهُ فَيَعُودُ الْأَمْرُ عَلَى خِلَافِ الْمَقْصُودِ، وَكَذَا قَوْلُهُ: كَذَبَ شُهُودِي، وأَوْلَى. وَلَا تَبْطُلُ دَعْوَاهُ بِذَلِكَ فِي الْأَصَحِّ. (وَيُحْتَمَلُ أَنْ تُسْمَعَ) هَذَا وَجْهٌ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ.

قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَهُوَ مُتَّجَهٌ حَلَّفَهُ أَوْ لَمْ يُحَلِّفْهُ ; لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَنْسَى، أَوْ يَكُونُ الشَّاهِدَانِ سَمِعَا مِنْهُ وَصَاحِبُ الْحَقِّ لَا يَعْلَمُهُ، فَلَا يَثْبُتُ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ أَكْذَبَ نَفْسَهُ.

فَرْعٌ: إِذَا قَالَ: كُلُّ بَيِّنَةٍ أُقِيمُهَا فَهِيَ زُورٌ، أَوْ لَا حَقَّ لِي فِيهَا. ثُمَّ أَقَامَ بَيِّنَةً لَمْ تُسْمَعْ بِحَالٍ. (وَإِنْ قَالَ: مَا أَعْلَمُ لِي بَيِّنَةً. ثُمَّ قَالَ: قَدْ عَلِمْتُ لِي بَيِّنَةً، سُمِعَتْ) لِأَنَّهُ لَمْ يُكَذِّبْ بَيِّنَتَهُ. (وَإِنْ قَالَ شَاهِدَانِ: فَنَحْنُ نَشْهَدُ لَكَ. فَقَالَ: هَذَانِ بَيِّنَتِي. سُمِعَتْ) وَهِيَ أَوْلَى مِنَ الَّتِي قَبْلَهَا ; لِأَنَّهُ لَا تُهْمَةَ فِيهَا. لَكِنْ لَوْ شَهِدَتْ بِغَيْرِ مَا ادَّعَاهُ فَهُوَ مُكَذِّبٌ لَهَا، نَصَّ عَلَيْهِ. وَإِنِ ادَّعَى شَيْئًا فَأُقِرَّ لَهُ بِغَيْرِهِ لَزِمَهُ إِذَا صَدَّقَهُ الْمُقِرُّ لَهُ، وَالدَّعْوَى بِحَالِهَا، نَصَّ عَلَيْهِ. (فإِنْ قَالَ: مَا أُرِيدُ أَنْ تَشْهَدَا لِي. لَمْ يُكَلَّفْ إِقَامَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>