للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوِ اسْتِدْلَالٍ بِمَحَارِيبِ الْمُسْلِمِينَ لَزِمَهُ الْعَمَلُ بِهِ، وَإِنْ وَجَدَ مَحَارِيبَ لَا يَعْلَمُ: هَلْ هِيَ لِلْمُسْلِمِينَ أَوْ لَا؛ لَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيْهَا

وَإِنِ اشْتَبَهَتْ عَلَيْهِ فِي السَّفَرِ، اجْتَهَدَ فِي طَلَبِهَا

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

الْمُخْبِرِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَقْبَلُ خَبَرَ فَاسِقٍ، لَكِنْ يَصِحُّ التَّوَجُّهُ إِلَى قِبْلَتِهِ فِي بَيْتِهِ، فَلَوْ شَكَّ فِي حَالِهِ قَبْلَ قَوْلِهِ فِي الْأَصَحِّ، وَإِنْ شَكَّ فِي إِسْلَامِهِ فَلَا، وَأَنَّهُ إِذَا أَخْبَرَهُ عَنِ اجْتِهَادٍ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَقْلِيدُهُ فِي الْأَصَحِّ، وَقِيلَ: مَعَ ضِيقِ الْوَقْتِ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي، ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ، وَاخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ، وَقِيلَ: أَوْ كَانَ أَعْلَمَ مِنْهُ قَلَّدَهُ، وَفِي " التَّمْهِيدِ " يُصَلِّيهَا عَلَى حَسَبِ حَالِهِ، ثُمَّ يُعِيدُ إِذَا قَدَرَ، فَلَا ضَرُورَةَ إِلَى التَّقْلِيدِ، كَعَادِمِ الطَّهُورَيْنِ يُصَلِّي وَيُعِيدُ، وَيَلْزَمُهُ السُّؤَالُ، فَظَاهِرُهُ يَقْصِدُ الْمَنْزِلَ فِي اللَّيْلِ لِيَسْتَخْبِرَ (أَوِ اسْتِدْلَالٌ بِمَحَارِيبَ) وَاحِدُهَا مِحْرَابٌ، وَهُوَ صَدْرُ الْمَجْلِسِ، وَمِنْهُ مِحْرَابُ الْمَسْجِدِ، وَهُوَ الْغُرْفَةُ، وَقَالَ الْمُبَرِّدُ: لَا يَكُونُ مِحْرَابًا إِلَّا أَنْ يَرْتَقِيَ إِلَيْهِ بِدَرَجٍ (الْمُسْلِمِينَ) عُدُولًا كَانُوا أَوْ فُسَّاقًا (لَزِمَهُ الْعَمَلُ بِهِ) إِذَا عَلَّمَهَا لَهُمْ، لِأَنَّ اتِّفَاقَهُمْ عَلَيْهَا مَعَ تَكَرُّرِ الْأَعْصَارِ إِجْمَاعٌ عَلَيْهَا، وَلَا يَجُوزُ مُخَالَفَتُهَا، وَعَنْهُ: يَجْتَهِدُ فَإِنْ أَخْطَأَ فَوَجْهَانِ، وَعَنْهُ: وَلَوْ بِالْمَدِينَةِ، وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ وَلَا يَنْحَرِفُ لِأَنَّ دَوَامَ التَّوَجُّهِ إِلَيْهِ كَالْقَطْعِ كَالْحَرَمَيْنِ (وَإِنْ وَجَدَ مَحَارِيبَ) بِبَلَدٍ خَرَابٍ (لَا يَعْلَمُ هَلْ هِيَ لِلْمُسْلِمِينَ أَوْ لَا؛ لَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيْهَا) لِأَنَّهُ لَا دَلَالَةَ فِيهَا، لِاحْتِمَالِ كَوْنِهَا لِغَيْرِ الْمُسْلِمِينَ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهَا آثَارُ الْإِسْلَامِ، لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْبَانِي مُشْرِكًا عَمِلَهَا لِيَغُرَّ بِهَا الْمُسْلِمِينَ، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ إِذَا عَلِمَ أَنَّهَا لِلْكُفَّارِ لَا يَجُوزُ لَهُ التَّقْلِيدُ، لِأَنَّ قَوْلَهُمْ لَا يَرْجِعُ إِلَيْهِ، فَمَحَارِيبُهُمْ أَوْلَى، وَفِي " الْمُغْنِي " إِذَا عُلِمَتْ قِبْلَتُهُمْ كَالنَّصَارَى إِذَا رَأَى مَحَارِيبَهُمْ فِي كَنَائِسِهِمْ عَلِمَ أَنَّهَا مُسْتَقْبِلَةً لِلْمَشْرِقِ.

[مَنِ اشْتَبَهَتْ عَلَيْهِ الْقِبْلَةُ فِي السَّفَرِ]

(وَإِنِ اشْتَبَهَتْ عَلَيْهِ فِي السَّفَرِ) وَلَمْ يُمْكِنْهُ مَعْرِفَتُهَا (اجْتَهَدَ فِي طَلَبِهَا) لِأَنَّ مَا وَجَبَ اتِّبَاعُهُ عِنْدَ وُجُودِهِ وَجَبَ الِاسْتِدْلَالُ عَلَيْهِ عِنْدَ خَفَائِهِ كَالْحُكْمِ فِي الْحَادِثَةِ، وَالْمُجْتَهِدُ فِي الْقِبْلَةِ هُوَ الْعَالِمُ بِأَدِلَّتِهَا، لِأَنَّ مَنْ عَلِمَ أَدِلَّةَ شَيْءٍ كَانَ مُجْتَهِدًا فِيهِ، وَالْجَاهِلُ الَّذِي لَا يَعْرِفُ أَدِلَّتَهَا وَإِنْ كَانَ فَقِيهًا، وَكَذَا الْأَعْمَى فَهَذَانِ فَرَضَهُمَا التَّقْلِيدُ، وَيَجِبُ عَلَى مَنْ يُرِيدُ السَّفَرَ تَعَلُّمُ ذَلِكَ، وَمَنَعَهُ قَوْمٌ، لِأَنَّ جِهَةَ الْقِبْلَةِ مِمَّا يَنْدُرُ الْتِبَاسُهُ، وَالْمُكَلَّفُ يَجِبُ عَلَيْهِ تَعَلُّمُ مَا يَعُمُّ لَا مَا يَنْدُرُ (بِالدَّلَائِلِ) جَمْعُ دَلِيلٍ، وَهُوَ أُمُورٌ مِنْهَا: النُّجُومُ قَالَ اللَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>